للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث كانوا يتبعون ما كان عليه في حياته كالدين المتبع) «١» .

ومن هذه الدار كانت تنطلق قوافل قريش للتجارة، وفي فنائها تحط القوافل إذا رجعت «٢» ، فكانت تشكل مركز مكة الرئيسي في معاملاتها الخاصة والعامة.

وكان أهل مكة يجتمعون في فناء الكعبة، ويسمى «بنادي القوم» أما دار الندوة فلا يدخلها إلا سادات القوم ووجوههم، وأولو الرأي والشورى فيهم، وهؤلاء يمثلون عادة العشائر والقبائل المختلفة، وكانت هناك نواد خاصة للبطون والأفخاذ تنظر فيها أمورها الخاصة ومشاكلها الداخلية «٣» .

وكان هؤلاء الذين يدخلون دار الندوة يسمون «الملأ» «٤» وهم رجال الإدارة في مكة ينظمون شؤونها العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دون الخضوع لقانون مكتوب أو دستور منظم، وترد الإشارة القرانية وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف: ٢٣] «٥» ، لتوضح مواد هذا القانون وعناصره.

ويلاحظ أن قرارات هؤلاء في معالجة ما يعرض من مشكلات، وما يجد من قضايا مختلفة، وما يتخذ من إجراات، لم تكن ملزمة لأهل مكة إلا بالإجماع عليها، ويشير إلى ذلك الفاسي (ت ٨٣٢ هـ) بقوله: «لم يكن أحد من هؤلاء متملكا على بقية قريش، إنما ذلك بتراضي قريش عليه» «٦» . وربما قام وجوه العشائر والأسر بدور أكثر فاعلية من دور «الملأ» ، ولا سيما في الأمور التي لم تكن تخص مكة بشكل عام «٧» .


(١) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٥) (ابن إسحاق) . وانظر ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ٧٧) . والأزرقي، أخبار مكة (ج ١، ص ٦٥، ٦٦) . واليعقوبي، تاريخ (ج ١، ص ٢٤١) . والطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٢٥٨، ٢٥٩) . وابن الأثير، الكامل (ج ٢، ص ٢١) . وابن خالدون، عبد الرحمن محمد الحضرمي (ت ٨٠٨ هـ) تاريخ ابن خالدون (ج ١، ص ١٦، ١٧) .
(٢) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٥) . الطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٢٥٨، ٢٥٩) . ابن الأثير، الكامل (ج ٢، ص ١٣) .
(٣) الدوري، نظم (ص ١٠) . جواد علي، المفصل (ج ٤، ص ٤٨) .
(٤) وردت كلمة (الملأ) كثيرا في القران بمعنى جماعة، يجتمعون على رأي. ويبدو أن المراد بها في أكثر تلك المواضع: علية القوم من ذوي الرأي والمكانة. وذكر أن الملأ: التشاور، تشاور الأشراف والجماعة في أمرها. انظر: الطبري محمد بن جرير (ت ٣١٠ هـ) تأويل اي القران تحقيق محمد محمود شاكر، مصر، دار المعارف د. ت (ج ٥، ص ٢٩١) . والأصفهاني أبو القاسم الحسين بن محمد (ت ٥٠٢ هـ) المفردات في غريب القران، تحقيق محمد سيد الكيلاني، بيروت، دار المعرفة (ص ٤٧٣) . والزّبيدي، التاج (ج ١، ص ١١٩) .
(٥) الزمخشري، الكشاف (ج ٣، ص ٤٨٤) . والرازي، تفسير (ج ٢٧، ص ٢٠٦) . والقرطبي، الجامع (ج ١٦، ص ٧٥) . والسيوطي، الدر المنثور (ج ٧، ص ٣٧٠) .
(٦) الفاسي، شفاء الغرام (ج ٢، ص ١٠٨) . وانظر: جواد علي، المفصل (ج ٤، ص ٤٨، ٤٩) . والدوري، نظم (ص ١٠) .
(٧) جواد علي، المفصل (ج ٤، ص ٤٨) .

<<  <   >  >>