للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبيه عن جده أن رسول الله كتب كتابا ... » «١» .

أما رواية أبو عبيد (ت ٢٢٤ هـ) في الأموال فهي عن «ربحي بن عبد الله بن بكير وعبد الله بن صالح أنهما قالا: حدثنا الليث بن سعد قال: حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أن رسول الله كتب كتابا ... » «٢» .

إن أولئك الذين ينكرون صحة هذه الصحيفة «٣» . يعتمدون على أن كتب الحديث الصحيحة لم ترو نص هذا الكتاب مع أنها أوردت مقتطفات تشمل عددا من مواد هذه الصحيفة؛ ولا سيما تلك التي تتعلق بتنظيم العلاقة بين المهاجرين والأنصار، فقد أورد جزا من هذه الصحيفة الإمام أحمد (٢٤١ هـ) في مسنده «٤» وأبو داود (ت ٢٧٥ هـ) في سننه «٥» والبيهقي (ت ٤٥٨ هـ) في سننه كذلك «٦» .

أما نصوص الصحيفة فهي مكونة من جمل قصيرة ومعقدة التركيب. ويكثر فيها التكرار ويستعمل كلمات وتعابير كانت مألوفة في عصر الرسول صلّى الله عليه وسلم ثم قلّ استعمالها فيما بعد حتى أصبحت صعبة على غير المتعمقين بدراسة هذه الفترة «٧» ، ولعل النظرة الفاحصة للأسلوب والمحتوى يجعلنا نطمئن إلى صحة هذه الصحيفة وهي تمثل في بعض موادها ذلك التنظيم الذي كان سائدا في الجاهلية من حيث الترابط القبلي والاعتراف بقوة العصبية، والصحيفة في مجملها توافق روح القران دون الإشارة إليه صراحة؛ إذ إن القران لم يذكر كثيرا من الحوادث المهمة التي حدثت في المجمع المدني «٨» .


(١) ابن سيد الناس، عيون الأثر (ج ١، ص ٢٣٨) .
(٢) أبو عبيد، القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ) ، الأموال، تحقيق محمد خليل محمد هراس (ط ١) القاهرة، مطبعة الكليات الأزهرية، (١٩٦٨ م) ، (ص ١٨٤) .
(٣) أنكرها يوسف العش في تعليقه على كتاب، فلها وزن، الدولة العربية وسقوطها، وهو كتاب نقله عن الألمانية، ترجمة يوسف العش، دمشق، جامعة دمشق، (١٩٥٦) ، (ص ٢٠، ٢١) (الهامش) .
(٤) أحمد بن حنبل، المسند (ج ١، ص ١٧١) ، (ج ٢، ص ٢٠٤) ، (ج ٣، ص ٢٤٢) .
(٥) ابن القيم الجوزية (ت ٧٥١ هـ) ، عون المعبود في شرح سنن أبي داود، نشره حسن إيراني، بيروت، دار الكتاب العربي، د. ت (ج ٨، ص ٢٢٩، ٢٣٠) .
(٦) البيهقي، السنن (ج ٨، ص ١٠٦) .
(٧) العلي، تنظيمات الرسول (ص ٥١، ٥٢) .
(٨) من ذلك: اعتبار المسلمين أمة واحدة وهذا يوافق قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [ال عمران: ١١٠] . التعاون والتراحم وهذا يوافق قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة: ٢١٩] . وجوب الخضوع للدولة ووافق هذا قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء: ٥٩] وانظر: الشريف، الدولة الإسلامية الأولى (ص.Sarjeant P.P ٧ (٧٦ -٧٤

<<  <   >  >>