للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس؟ كلا. فهو مصدر شر ومبعث فساد. فلا جرم أن كان ذنبه عظيما. ووزره خطيرا ولذلك عجب الصحابة واستغربوا وقالوا: كيف يسب الرجل والديه؟ استبعاد أن يكون في بني الإنسان من يقدم على هذا الجرم العظيم.

فبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سب غير مباشر، بأن يسب شخص أبا شخص آخر، فيسب هذا أبويه، انتصارا لنفسه، وانتقاما مضاعفا لعرضه، فذلك سب من الأول لأبويه. لأنه تسبب فيه. وإذا كان التسبب لذلك من أكبر الكبائر فما بالك بمن يسبهما كفاحا «١» . بله من يؤذيهما ويضربهما؟ إن ذلك للوزر الأكبر، لا يفوقه إلا الشرك والأصل في هذا الحديث قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً- ظلما- بِغَيْرِ عِلْمٍ «٢» ، فنهى المسلمين عن سب الآلهة التي يعبدها المشركون مخافة أن يسبوا الله انتصارا لآلهتهم.

٤٣- باب: ثمرات صلة الرحم

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سرّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» . [رواه البخاري ومسلم، ورواه الترمذي «٣» بلفظ] : إنّ صلة الرّحم محبّة في الأهل، مثراة في المال منسأة في الأثر.

[اللغة:]

البسط: النشر والتوسعة، والرزق: يقال للعطاء الجاري كالمرتب.

وللنصيب، ولما يتغذى به. والإنساء: التأخير، وأثر الشيء: ما نشأ عنه ودلّ عليه، فأثر المشي في الأرض صورة القدم فيها، والمراد به هنا: الأجل أي بقية الحياة. قال زهير:


(١) أي يشتمهما مستقبلا ومواجهة.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٠٨.
(٣) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: من بسط له في الرزق بصلة الرحم (٥٩٨٥) . ورواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها (٦٤٧٠) . ورواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في تعليم النسب (١٩٧٩) .

<<  <   >  >>