للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٩- باب: الرحمة وعقاب مجانبها

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لا يرحم لا يرحم» . [أخرجه البخاري في باب- رحمة الولد وتقبيله ومعانقته- وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي «١» بألفاظ متقاربة] .

للحديث سبب، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قبّل الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد، ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم» .

الرحمة بالناس. بل بالحيوان. عاطفة شريفة وخليقة محمودة، ولقد مدح الله بها رسوله في قوله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «٢» ، وضدها القسوة التي عاقب الله بها اليهود. لما نقضوا العهود؛ إذ يقول: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً «٣» .

فالرحمة فضيلة. والقسوة رذيلة. والرحمة تكون بالأبناء، وأثرها تقبيل ومعانقة كما صنع الرسول صلى الله عليه وسلم بالحسن. وتأديب وتربية وإجابة رغائب- ما دامت في سبيل المصلحة- وإبعاد من الشر.

وتكون بالآباء والأمهات وأثرها قول كريم، وصنع جميل، وطاعة في غير معصية وخدمة صادقة وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً «٤» ، وتكون بالأقرباء، وأثرها بر وصلة، وزيارة ومودة، وسعي في مصلحة، ودفع لمضرة، وتكون بين


(١) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (٥٩٩٧) . ورواه مسلم في كتاب: الفضائل، باب: رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه (٥٩٨٢) . ورواه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: في قبلة الرجل ولده (٥٢١٨) . ورواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الولد (١٩١١) .
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٨.
(٣) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٢٤.

<<  <   >  >>