للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن المسيء، والحكمة تقتضي وزن كل عمل بميزان المصلحة.

وعرف بعضهم الخلق: بأنه العادة في الإرادة. فتعود العزم على منازلة العدو كلما أوقد حربا يسمى خلق الشجاعة. والخلق يقال للمكارم وللمساوي. كالبخل والسفه والجبن وغيرها من الرذائل.

وفي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن خيار المسلمين من حسنت أخلاقهم وكرمت صفاتهم، أما من ساءت منهم الأخلاق وقبحت الصفات فأولئك الأشرار، وإن كانوا يصلون، ويصومون ويحجون، فإن صلاتهم ليست بصلاة الخاشعين، وصيامهم مجاراة، وحجّهم رياء، ولو كان ذلك منهم بإخلاص لأثمر بلا مراء كرم الأخلاق فإن الصلاة الحقة تنهى عن الفحشاء والمنكر. والصيام الخالص داعية الصبر والكرم. والحج المبرور ينمي خلق الصبر وحسن العشرة، والمعونة فبرهان الصدق في العبارات والإخلاص فيها كرم الأخلاق. وآية التقصير فيها سوءها ولأن حسن الخلق من العلو بمكان مدح الله به خير خلقه فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ «١» ، وكان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن كما قالت زوجه عائشة رضي الله عنها. فكان أدبه آدابه. وخلقه أخلاقه. من صبر وحلم، وكرم وعفو، وإخلاص وشجاعة، وعدل وحكمة ... إلخ.

وأن مما يثمره حسن الخلق في هذه الحياة تيسر الأمور لصاحبه، وموافاة الرغائب، وحب الخلق له، وثناءهم عليه، ومعونتهم له. والإبتعاد عن أذاه وقلة مشاكله في الحياة. واطمئنان نفسه، وطيب عيشه، ورضاء ربه، أما الثمرة في الحياة الآخرة فجنة نعيم، وقرب من رب العالمين.

روى الترمذي من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أحبكم إليّ؛ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا» «٢» ، وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على مكارم الأخلاق. منها حديث النواس بن سمعان: «البر حسن الخلق» - رواه مسلم «٣» . وحديث أبي الدرداء: ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق- رواه


(١) سورة القلم، الآية: ٤.
(٢) رواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في معالي الأخلاق (٢٠١٨) .
(٣) رواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: تفسير البر والإثم (٦٤٦٣) .

<<  <   >  >>