للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة، وسئم العيش، ورأى ماله قد صار لغيره بخلاف ما إذا كان صحيحا يكون للمال مكان في قلبه وحب من نفسه، لما يأمل من البقاء ويخشى من الفقر فالشح به غالب والسماح به حينئذ أصدق في الإخلاص وأعظم في المثوبة.

وكذا إذا تصدق وهو حريص على جمع المال قد توافرت لديه أسباب إدخاره كان ذلك دالا على الرغبة في الخير وابتغاء ما عند الله.

ولا يتأخر بالتصدق حتى يكون الموت منه قاب قوسين لأنه يكون مغلولا «١»

عن التصرف في كل ماله إذ أن المريض لا يجوز له أن يتبرع إلا بثلث ماله فقط، وما زاد على ذلك يكون من حق الورثة إن شاؤا أجازوا تصرفه وإن شاؤا لم يجيزوه.

ويدل الحديث على أن تنجيز وفاء الدّين والصدقة في حال الصحة أفضل منه في حال المرض لأنه في الأولى يصعب عليه إخراج المال غالبا لما يخوفه الشيطان من الفقر، ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال، كما قال تعالى:

الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ «٢»

، وقال: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ «٣»

الآية. وفي الحديث: «مثل الذي يعتق ويتصدّق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع» .

٩٣- باب: ما تجوز الصدقة به في مرض الموت

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذني من وجع اشتدّ بي، فقلت يا رسول الله: قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلّا ابنة أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: «لا» ، قلت فالشّطر يا رسول الله؟ قال: «لا» ، قلت فالثّلث؟ قال: «الثّلث والثّلث كثير،


(١) مغلولا: مقيدا وممسوكا.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٦٨.
(٣) سورة المنافقون، الآية: ١٠.

<<  <   >  >>