للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون النّاس، وإنّك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى مّا تجعله في فيّ امرأتك» .

[رواه البخاري «١» ] .

[اللغة:]

الوجع: اسم لكل مرض وجمعه أوجاع ووجاع، اشتد: قوى بلغ بي:

أثر فيّ ووصل غايته، ذو مال: أي كثير فالتنوين للتكثير كما صرح بذلك في رواية أخرى، (إلا ابنة) اسمها عائشة ولم يكن لسعد رضي الله عنه في ذلك الوقت من الولد إلا هذه البنت، ثم عوفي بعد ورزق أولادا كثيرين منهم أربعة ذكور واثنتا عشرة انثى، ومعنى لا يرثني أي من الذرية وإلا فقد كان له عصبة، الشطر: النصف، الثلث بالنصب على الإغراء أو بفعل محذوف وبالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي كافيك. والثلث كثير، ويحتمل أن يكون مسوقا لبيان الجواز بالثلث وأن الأولى أن ينقص عنه ولا يزيد عليه وهذا هو المتبادر. أو يكون لبيان أن التصدق بالثلث هو الأكمل الكثير أجره، أو يكون معناه كثير غير قليل في نفسه. تذر: تترك، عالة: فقراء جمع عائل من عال يعيل إذا افتقر، يتكففون الناس: يسألون الناس بأكفهم، يقال تكفف واستكف إذا بسط كفه للسؤال أو سأل ما يكف عنه الجوع أو سأل كفافا من طعاما.

[الشرح:]

يشير هذا الحديث إلى نوع مما كان المسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يبتغون من تخير أفضل القربات إلى الله. فسعد رضى الله تعالى عنه لما أحس بثقل المرض وخشي أن يكون قد دنا أجله ثم رأى أن ماله كثير لا يأمن إذا تركه لابنته التي ليس له وارث سواها أن يطغيها أو لا تحسن تدبيره وربما جرّ إلى ما لا يؤجر هو ولا هي عليه فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن له بالتصدق بالثلثين حيث يرى أن ثلثه الباقي يكفي ابنته سواء أبقيت من غير زوج أم تزوجت وإن في ذلك القدر صلاحها وخيرها ويكون قد قدم لنفسه ما يجعل له عند الله منزلة رفيعة، فلم يجز له النبي صلى الله عليه وسلم التصدق بذلك، فاستأذنه في النصف فلم يأذن له به أيضا. فاستأذن في الثلث فأذن له.

ثم أبان له عليه الصلاة والسلام والحكمة السامية من ذلك تلك أن المسلم لا


(١) رواه البخاري في كتاب: الجنائز، باب: اناء النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة (١٢٩٥) . ورواه مسلم في كتاب: الوصية، باب: الوصية بالثلث (٤١٨٥) بنحوه.

<<  <   >  >>