للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الأول: فصورته أن يبيع شخص لآخر شيئا ويكون للمشتري الخيار فيأتي ثالث ويقول للمشتري في مدة الخيار افسخ لأبيعك مثله بأنقص من الثمن.

وإنما نهي عن هذا النوع من البيع لأنه يجلب العداوة والبغضاء بين البائع الأول والثاني وربما جرّ ذلك إلى أضرار لا تنتهي عند حد كما هو مشاهد معلوم. فلعرض قليل من متاع الدنيا لا يليق بالمسلم أن يسبب من الشرور والإحن لأخيه ولنفسه ما يغضب الله ورسوله ويزرع الحقد في القلوب.

وبناء على القاعدة القائلة: (إن النهي عن الشيء يقتضي فساده) يكون بيع الرجل على بيع أخيه فاسدا وبذلك قال المالكية والحنابلة.

أما جمهور الفقهاء فيقولون بصحة هذا البيع مع الإثم لأن النهي هنا ليس لذات المنهي عنه بل لأمر خارج.

وأما الثاني: فهو أن يطلب الرجل من امرأة أو من وليها التزوج بها فتقبل هي أو الولي بزواجه فيجيء آخر ويخطبها لنفسه مع علمه بخطبة الأول وهو حرام بالإجماع إذا قبلت المخطوبة أو وليها الزواج من الخاطب الأول أما لو ردّ أحدهما فلا تحرم خطبة الثاني.

وهل الحرمة تفسد زواج الخاطب الثاني؟ قالت الظاهرية «١» يفسخ نكاحه سواء قبل الدخول أم بعده.

وقال الجمهور لا يفسخ لأن النهي عن الخطبة، وهي ليست شرطا في صحة النكاح فلا يفسخ لوقوعها غير صحيحة.

وهذا الحكم عام يشمل عدم جواز الخطبة على خطبة الأول ولو فاسقا أو كافرا وهو رأي عامة العلماء. وقيل: لا تحرم الخطبة على خطبة الفاسق والكافر لأن الحديث مقيد بعد خطبة الرجل عن خطبة أخيه. ولا أخوه بين المسلم والكافر وبحديث: «المؤمن أخو المؤمن» «٢» فيخرج بذلك الفاسق ورد ذلك بأن التعبير بالأخ


(١) الظاهرية: من الفقهاء: منسوبون إلى القول بالظاهر، وهم أتباع داود بن علي بن خلف الأصبهاني، المعروف بالظاهري.
(٢) رواه مسلم في كتاب: النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك-

<<  <   >  >>