للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ناصح، ولا تصيخ «١» إلى وعظ مرشد، ومن الخطل «٢» في الرأي أن يبتغي الناصح لها في تلك الأوقات رشدا أو يرقب إصلاحا، فعلينا أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولا يكون الواعظ أو المرشد كخاطب ليل لا يدري ما يلقي على الناس، ولا من يلقي عليه موعظته، ولجهل كثير بطرق الوعظ والإرشاد اختيار مسائل العلم وتثقيف الناس وبخاصة العامة. منهم قلّت الفائدة منهم على كثرتهم؛ وانصرف الناس على الاستماع إليهم والركون إلى قولهم؛ وفضّلوا الجلوس في مجالس اللهو عن دروس العلماء والواعظين، اللهم إلا قليلا أحسنوا الوعظ فأحسن القوم الاستماع والعمل، وأجادوا في القوم وتخيروا أساليبه فكان لهم التأثير الحسن والسلطان على القلوب فألانوا قاسيها؛ وأسلسوا «٣» عصيها، وملكوا زمامها فكانوا من الصالحين المصلحين الذين عملوا بقوله صلى الله عليه وسلم «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» «٤» .

١٠٢- باب: ما يكره من التمادح

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة- (وفي رواية) : في المدح. وفي أخرى في مدحه- فقال:

«أهلكتم أو قطعتم ظهر الرّجل» . [رواه البخاري ومسلم «٥» ] .

[اللغة:]

يطريه: يبالغ في مدحه، المدحة: بكسر الميم: كيفية المدح وهيئته أهلكتم أو قطعتم: كذا بأو، شك من الراوي.

[الشرح:]

المدح على الشيء قد يكون من إشارات الاستحسان ودواعي التشجيع والإجادة واستحثاث «٦» الهمم إلى جلائل الأعمال والإشادة بذكر المجد العامل،


(١) تصيخ: تستقمع.
(٢) الخطل: الخطأ الفاحش.
(٣) أسلسوا: سهلوا وألانوار.
(٤) تقدم تخريجه ص ١٠٢ (٢) .
(٥) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يكره من التمادح (٦٠٦٠) . ورواه مسلم في كتاب: الزهد، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه افراط و ... (٧٤٢٩) .
(٦) استحثاث: استعجال.

<<  <   >  >>