للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلى: أي إنه لكبير خطره تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ «١» يستتر: يجعل بينه وبين بوله، سترة: أي لا يتحفظ منه ويستبرىء: يتطهر ويستنزه: يبعد عن أن يصيبه البول أي لا يتوفى منه النميمة: هي نقل الكلام بين الناس لإيقاع الأذى وإلحاق الضرر بهم.

[الشرح:]

ينبئنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ من الذنوب ما يعده الإنسان صغيرا لا يبالي أن يقترفه ولا يأبى ارتكابه ويظنه هين الشأن. وهو سيء المغبة «٢» مؤلم العاقبة وأن من ذلك عدم الاستتار وقت قضاء الحاجة فتبدو للناس عورته كالحيوان البهيم. مع أن الله كرمه على سائر الخلق وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ «٣» ، ويفقد حياءه وتضيع كرامته ويصبح حقيرا شأنه شأن الدواب. أو ألا يحترز من البول فتصيبه النجاسة وتتناثر على جسمه وملابسه فتلوثها وتجعله مستقذرا في أعين الناس وتفسد صلاته وعبادته- ومن ذلك أيضا. السعي بالنميمة ونقل الكلام بين الأصدقاء والخلان بقصد الإضرار بهم وإفساد صداقتهم ومودّتهم، وكشف ما يكره كشفه من أمورهم سواء أكان ذلك بالقول أم بالكتابة، وسواء كان المنقول من الأعمال أم من الأقوال ولذا كان خطبها «٤» جسيما «٥» وعاقبتها سيئة.

ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام» .

وقال: «أحبكم إلى الله أحاسنكم أخلاقا المواطئون أكنابا الذين يألفون ويؤلفون وإن أبغضكم على الله المشاؤن بالنميمة المفرقون بين الإخوان، الملتمسون للبراء العثرات» .

وقال الحسن: من نمّ إليك نمّ عليك.

ومعنى هذا أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته. وكيف لا وهو لا ينفك عن الغدر والخيانة والإفساد بين الناس وهذا من آفات اللسان التي يجب


(١) سورة النور، الآية: ١٥.
(٢) المغبّة: العاقبة والآخرة.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٧٠.
(٤) خطبها: الخطب: الحال والشأن.
(٥) جسيما: عظيما.

<<  <   >  >>