للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثرته، إذ قد يحصل البيع في صحراء، أو بادية حيث لا يوجد من يعتمد قوله في المقدار والقيامة.

هذا وقد خالف الحنفية بالحديث ولم يعملوا به، فلم يثبتوا الرد بعيب التصرية، ولم يوجبوا رد الصاع من التمر. وحجتهم على ذلك: أن حكم هذا الحديث مخالف للأصول المعلومة، وما كان كذلك لا يلزم العمل به، أما المقدمة الأولى فإن المعلوم من الأصول أن المثليات تضمن بمثلها والقيميات بقيمتها من النقدين. وههنا إن كان اللبن مثليا فضمانه بمثله لبنا وإن كان قيميا فضمانه بقيمته من النقدين، وهو في الحديث مضمون بالتمر فهو خارج عن الأصلين جميعا.

وأيضا أن القواعد الكلية تقتضي أن يكون الضمان بقدر التالف من المضمون وهنا قدر الضمان بالصاع مطلقا قل اللبن أو كثر.

وأيضا أن الحديث يقضي برد الصاع ولو كان اللبن ناقيا، وفي ذلك ضمان الأعيان «١» مع بقائها والأعيان لا تضمن بالبدل إلا إذا هلكت كالمغصوب وسائر المضمونات.

وأما المقدمة الثانية فإن هذا الحديث خير آحاد فيفيد الظن، والأصول المعلومة مقطوع بها من الشرع. والمظنون لا يعارض المقطوع.

وقد نوقشت هذه الحجج ورد عليها بما لا يتسع المقام لبسطه.

١١٠- باب: ثبوت خيار المجلس في البيع والشراء

عن حكيم بن حزام: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» .

[رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد «٢» ] .


(١) الأعيان: العين: ما ضرب نقدا من الدنانير (٩/ ٦٤١) .
(٢) رواه البخاري في كتاب: البيوع، باب: إذا بيّن البيعان ولم يكتما ونصحا (٢٠٧٩) . ورواه مسلم في كتاب: البيوع، باب: الصدق في البيع والبيان (٣٨٣٦) . ورواه أبو داود في كتاب: البيوع والإجادة، باب: في خيار المتبايعين (٣٤٥٩) .

<<  <   >  >>