للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حذاؤها: المراد به أخفافها أي أنها تقوي على السير وقطع البلاد ورعي الشجر والامتناع على السباع المفترسة. ربها: صاحبها.

[الشرح:]

اشتمل هذا الحديث على حكم ثلاثة أشياء سئل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

١- اللقطة:

وقد تقدم تعريفها وأنها أكثر ما تطلق على غير الحيوان. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حكمها بأنه يجب على ملتقطها أن يتبين علاماتها التي تميزها عما عداها من وعاء ورباط، وكذا كل ما اختصت به من نوع وجنس ومقدار (كيل أو وزن أو ذرع) ويحتفظ عليها احتفاظه على ماله، ولا يعتدها غنيمة ساقها الله إليه، فيعمل فيها يد الإتلاف والإنفاق، كأنما هي مال مملوك له سواء في ذلك الحقير والجليل، ثم يعرّفها وينشر نبأها بما يستطيع في مجتمع الناس وعقب الصلوات في المساجد، وحيث يظن أن ربها هناك، وما يعتقد أنه يذيع أمرها حتى يصل إلى صاحبها. ومدة التعريف سنة، وتلك في ذات القيامة غير التافهة.

وقال جمهور العلماء إن التعريف سنة واجب، إذا أراد تملكها ولم يرد حفظها على صاحبها أما إذا أراد حفظها لمالكها فالأصح أنه يلزمه التعريف أيضا لئلا تضيع على صاحبها فإنه لا يدري أين هي حتى يطلبها.

أما القليل التافه الذي يعلم أن صاحبه لا يطلبه عادة فإنه لا يعرف أصلا ويملك بأخذه وإن كان يتبعه صاحبه يعرف أياما، إلى أن يغلب على الظن أن صاحبه لا يطلبه بعد ذلك.

وإن كانت اللقطة مما يتسارع إليه الفساد كالطعام فللملتقط أن ينتفع به ويضمنه لصاحبه، وله أن يتصدق به ولا ضمان عليه هذا حكم تعريفها.

أما أخذها والتقاطها فهو مستحب، وقيل يجب، وقيل إن كانت في موضع يأمن عليها إذا تركها استحب الأخذ؛ وإلا وجب، وإذا علم من نفسه الطمع فيها حرم عليه أخذها.

وهذا كله في غير لقطة الحرم، أما لقطته فيحرم أخذها إلا لتعريفها لقوله عليه الصلاة والسلام «لا يلتقط لقطتها- مكة- إلا من عرفها» «١» .


(١) رواه البخاري في كتاب: اللقطة، باب: كيف تعرّف لقطة أهل مكة معلقا.

<<  <   >  >>