للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتورط ارتبك في أموره واختلط عليه وجه الصواب، وأفلت من يده زمام الحق، وجانبه السداد فخسر دنياه وآخرته.

وقد يقال إذا كان طلب الولاية بهذا القدر من الخطورة ومجانبة الحق فكيف طلبها يوسف عليه السّلام بقوله: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ «١» ، وطلبها سليمان عليه السّلام بقوله: وَهَبْ لِي مُلْكاً «٢» ، والجواب أنه إنما حسن ذلك من الأنبياء لأنهم معصومون لا يزلون ولا يخطئون ولا يظلمون. وعناية الله معهم في كل لحظة فهم معانون منه تعالى.

ألا فليتق الله أولئك الذين يحرصون على تولي الأمور وهم يعلمون أنهم ليسوا لها بأهل.

وليعدل بين الأفراد من ولي شيئا منها فإنما هو راع وهو مسؤول عن رعيته، وحملها ثقيل والحساب عسير والمحاسب هو الحكم العدل اللطيف الخبير.

١٣٠- باب: رضا الله وسخط المخلوق

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسخط الله في رضا النّاس سخط الله عليه واسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط النّاس رضى الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتّى يزيّنه ويزيّن قوله وعمله في عينه» . [رواه الطبراني] .

[الشرح:]

إن أحق من نعمل جاهدين لمرضاته، ونسعى لنيل ثوابه ومغفرته هو الله جل وعلا، بيده أزمة قلوبنا، وتصريف أمورنا يعز من يشاء ويذل من يشاء. مالك الملك، ذو الجلال والإكرام.

وما الناس مهما علا شأنهم وارتفع أمرهم إلا عبيد له أذلة، وضعفاء عجزة يد الله آخذة بنواصيهم، وحكمه العدل ماض فيهم.


(١) سورة يوسف، الآية: ٥٥.
(٢) سورة ص، الآية: ٣٥.

<<  <   >  >>