للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق والأدب واستشارتهم في الأمور، والإستماع لنصائحهم والذود عن كرامتهم، والحرص على مصالحهم، والدفاع عن حقوقهم، وفتح الأبواب لمعايشهم، وتذليل السبل لتنمية ثروتهم. والضرب على أيدي المفسدين والتنكيل بالمجرمين الخائنين، والعمل على قطع الفساد في الأرض، ومنع الجرائم منها- إلى غير ذلك مما ترقي به الأمة. وتسلم من الأضرار. وإن الإمام المسؤول أمام الله عن أمته وجماعته، يسأل عن كل فرد فيها. وعن كل عمل من أعمالها. يسأل عن ثروتها موردا ومصرفا. وعما عمل لمصلحتها وسلك لسعادتها بل يسأل عن حيوانها: ماذا صنع لراحته. وتخفيف مشقته. وبعبارة أوجز: بقدر ما في يده من الشؤون وما وكل إليه من الأمور يكون الحساب. وتكون المسؤولية. فلا يله ذو منصب بمنصبه عن القيام بواجبه. ولا يغترن الرؤساء بمظاهر الرياسة من الحيطة والكياسة. وإعداد العدة لحساب أحكم الحاكمين.

كذلك الزوج أو رب الأسرة راع في أسرته. ومؤتمن على من تحت ولايته فعليه التعليم لهم والتثقيف، والتربية والتهذيب، بنفسه أو بوساطة ماله حتى يكونوا كملة في الأخلاق، أئمة في الآداب، سواء في ذلك بنوه وبناته وإخوته وأخواته وزوجه وخدمه. وفي مقدمة التهذيب تعليمهم فرائض الدّين. وتأديبهم بأدب العليم الحكيم.

وتأديبهم له من طريق عمله. أجرى «١» عليهم من كلمة. وعليه الأخذ بهم عن طريق الدنايا. والإبتعاد عن مواطن الريب. ومياآت الفتن. وعليه أن يقدم لهم مسكنا مناسبا. وطعاما وشرابا موافقا. ولباسا في دائرة الأدب والحشمة وزينة لا تدعو إلى الفتنة. كل ذلك في غير تقتير ولا إسراف. بل يسلك طريق الاقتصاد ليدّخر لهم ما يكون عدّة للشدائد، وسعة في المضايق، وتركة تقيهم ذل المسألة وتحفظ عليهم الكرامة. وليكن في بيته عينا راعية وأذنا واعيّة. يتفقد الأمور ويتحرى المصالح ويقيم العدل في رعايا هذه المملكة الصغيرة. وليعلم أن الله سائله عن زوجه: هل عاشرها بالمعروف. وقام لها بالحقوق ولم يخنها في غيبته؟ وسائله عن ولده: ماذا صنع في نفسه. وما عمل في ماله. وعن أقربائه الذين هم تحت كنفه: ماذا قدّم لهم وكيف واساهم فليعدّ الجواب الحسن من عمله وخلقه وكرم رعايته وحسن ولايته يا أَيُّهَا


(١) أجدى عليهم: أشد تأثيرا ونفاذا فيهم.

<<  <   >  >>