للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمسلمين، والشوكة للموحدين؛ يستخدمونها في التنكيل بعدوهم، حتى يستردوا حقوقا مغصوبة وأرضا منقوصة، أو يرهبون بها من يحدثهم جشعهم باستلاب ملكهم، واستعمار بلادهم، فلا يقدمون على ما عزموا وبيتوا وقدروا، أو يسخرونها في الانتفاع بخيرات هذا الكون، وتذليل عناصره، بعمل الجمعيات، وإنشاء الشركات، وإقامة النقابات، وبقدر ما بين المسلمين في أنحاء الأرض من حسن الصلات، ووثيق العلاقات تكون قوتهم، وثبات ملكهم؛ وقيامه خالدا.

وإن كثرت الزلازل، وتوالت العواصف، وأجمع الأعداء من أمرهم. وأجلبوا علينا بخيلهم ورجلهم، وإن كان التخاذل والتدابر والتقاطع وتبديد عرا الإخاء، وانصراف كل إلى نفسه وهواه وشهرته. كان الضعف والإنحطاط، والفشل والخور.

فضيحة من عدونا، وإبراق وإرعاد، يزلزل ملكنا، ويذهب بمجدنا، ويجعلنا أذلاء في ديارنا؛ بل ضعفاء في ديننا. فلا دنيا حصلنا ولا دينا أقمنا؛ ولا ثوابا آجلا ضمنا فخسرنا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين؛ والذئب إنما يأكل من الغنم القاصية التي تركت جماعتها واستقلت عن فصيلتها.

ولقد مثل الرسول صلى الله عليه وسلم اتحاد المسلمين ومعونة بعضهم لبعض بالتشبيك بين أصابعه. وإدخال بعضها في خلال بعض، ولا شك أن ذلك يزيد في متانة كل إصبع ويعطي كل يد قوة إلى قوتها؛ كذلك المسلمون إذا تضامت «١» أيديهم، وتظاهرت «٢» قواهم، وتحابّت نفوسهم؛ وتساندت أممهم، زادوا قوة، وخلقوا لهم عزة فدانت الأمم لسلطانهم وخضعت لأمرهم وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ «٣» .

فيا أيها المسلمون ذلكم رسولكم، وأسوتكم وإمامكم، يرشدكم إلي سلاح ماض وجيش غلاب، وعدة عتيدة. تنفعكم في البأساء والضراء، وتدفع عنكم الأعداء وتزيل عنكم الاستعباد، وترد إليكم العزة الماضية، والكرامة الراحلة، وتبوّئكم المكانة العالية ذلكم هو سلاح الائتلاف، والاتحاد والوفاق، سلاح ضم اليد إلى


(١) تضامّت: ضم بعضها إلى بعض.
(٢) تظاهرت: تعاونت واتحدت.
(٣) سورة المنافقون، الآية: ٨.

<<  <   >  >>