للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأعم بصرها، واجعل قبرها في دارها» «١» ، قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر تقول:

أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها.

الظلم حرام قليله وكثيره؛ وسرقة الأرض وغصبها باب من أبواب الظلم، شبرا كان المأخوذ أو ذراعا، قصبة كان أو فدانا، ملكا للأفراد أو من المنافع العامة لما رواه أبو يعلى بإسناد عن الحكم بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين» »

. فالذين يأكلون من الطرق الخاصة أو العامة في المباني أو المزارع أو يأخذون من جسور السكك الحديدية أو من شواطىء الأنهار والترع كل أولئك ظلمة غصبة، وكذلك الذين يغيرون معالم الضياع أو أراضي البناء، ويزحزحون حدودها عن أماكنها ليضموا إلى ملكهم من أملاك غيرهم وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من ظلم مقدار شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين، أي ألزم إثم ذلك، ولم يكن له مفر من عقابه فليس معنى التطويق أن يجعل ذلك طوقا بوم القيامة يحيط بعنقه، أو أن يكلف نقل تراب ذلك الشبر من سبع أرضين تعذيبا له فإن ذلك مرّ في ذوق اللغة في هذا الموطن وأشباهه، وإنما الغرض لزوم الإثم له لزوم الطوق، وأخذ العذاب الشديد بخناقه، وليس العقاب على سطح ما أخذه ليزرع فيه أو يا بني عليه فقط، بل العقاب على ما اغتصبه بالغة في جوف الأرض وطبقاتها أقصاها، وهذا يفيد أن السفل تابع للسطح كما أن العلو تابع له، ولذلك استنبط الفقهاء من هذا الحديث أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجارة ثابتة، وأبنية ومعادن. وعيون ومنابع. وغير ذلك وله أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بجيرانه. فإنه لا ضرر في هذا الدّين ولا ضرار. وله أن يمنع من يريد حفر


(١) رواه البخاري في كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين وقول الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ... (٣١٩٨) بنحوه. رواه مسلم في كتاب: المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (٤١١١) بنحوه. ورواه مسلم في كتاب: المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (٤١١٠) .
(٢) رواه البخاري في كتاب: المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه (٢٤٥٨) بنحوه. وگرواه مسلم في كتاب: الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (٤٤٤٨) .

<<  <   >  >>