للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «إنّ إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم: فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» . [رواه البخاري ومسلم «١» ] .

[اللغة:]

الحلة: الكسوة ولا تسمى بذلك إلا إذا كانت ثوبين من جنس واحد.

وقد نقل بعض أهل اللغة: أن الحلة لا تكون إلا ثوبين جديدين يحملهما من طيهما فأفاد أنها من الحل. والغلام: الطار «٢» الشارب. وساببته: وقع بيني وبينه سباب من السب وهو الشتم الوجيع. والتعيير النسبة إلى العار وهو العيب. وفي بعض الروايات: وكانت أمه أعجمية فنلت منها والأعجمي من لا يفصح باللسان العربي أعجميا كان أو عربيا. وفي رواية: قلت له. يا ابن السوداء. والجاهلية: الحال التي كان عليها العرب قبل الإسلام وقد شرحناها قبل. والخول: الخدم سموا بذلك لأنهم يتخولون الأمور أي يتعهدونها ويصلحونها. ومنه الخولي: لمن يقوم بإصلاح البستان. ويقال: إن الخول جمع خائل وهو الراعي. وقد يطلق الخول على الواحد.

والتكليف. تحميل النفس ما فيه كلفة ومشقة.

[الشرح:]

المعرور بن سويد لقي أبا ذر بالربذة- موضع بالبادية بينه وبين المدينة ثلاث مراحل- وعليه حلة. وعلى خادمه مثلها. فسأله. كيف يلبس خادمه مثل ما يلبس. وذلك غير معهود. فأجابه ببيان السبب. وأنه حصل بينه وبين شخص سباب ومشاتمة. وأنه عايره بأمه وعابه بها وقال له. يا ابن الأعجمية أو يا ابن السوداء. أو ما شاكل ذلك من الكلمات. فشكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم أعيرته بأمه؟

منكرا عليه ذلك إذ الأم لا دخل لها في الخصام، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «٣» ، وقال له: إنك امرؤ فيك جاهلية أي خصلة من خصالها التي قضى عليها الإسلام أن تعتدي في الخصام. فتجاوز الخصم إلى أبيه وأمه وما لها من ذنب إليك، ثم أوصاه هذه الوصية القيامة التي رفعت من شأن الخدم إلى درجة المخدومين والسادة.


(١) رواه البخاري في كتاب: العتق، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم «العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون» (٢٥٤٥) . ورواه مسلم في كتاب: الأيمان، باب: إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه ... (٤٢٩١) .
(٢) الطار الشارب: من ظهرت ونبتت شاربه.
(٣) سورة النساء، الآية: ٣٦.

<<  <   >  >>