للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر، وما قل ضرره فهو الصغيرة، وكل حرّم الله، ومنع مقارفته، والرسول صلى الله عليه وسلم وسلم يعرض على حاضريه تحديثهم بأكبر الكبائر؛ وفي هذا العرض لفتهم إلى ما يحدّث به؛ وصرف آذانهم لسماعه؛ وقلوبهم لوعيه وقد كرر كلمة العرض ثلاث مرات حتى يزدادوا تنبهيا، ويتوجهوا إليه توجها، فقالوا: نعم يا رسول الله حدثنا بأكبرها؛ فحدثهم الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث.

أولها: الشرك بالله: واتخاذ الأنداد والوسطاء، والأولياء والشفعاء، ودعاؤهم في الملمات كما يدعي وعبادتهم كما يعبد. والتقرب إليهم بالقرابين والنذور وضروب التقديس. وتلك أكبر جريمة أن تجعل لمن خلقك ندا. أن تشرك به ما لا يملك ضرا ولا نفعا. ولا حياة ولا موتا. أن تشرك به أمواتا غير أحياء عجزة غير أقوياء. أن تشكر من لا نعمة له عليك ولا يد له واصلة إليك؛ أن تعبد وهما وخيالا.

وتدعو أسماء أن تنادي من لا يسمع ولا يبصر. وربك أقرب إليك من حبل الوريد.

قد فتح أبوابه للسائلين. ووعد بالإجابة للداعين؛ فادع الله وحده مخلصا له الدين.

وصدق بعملك. قولك لربك إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ «١» ، واذكر قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ «٢» . وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً «٣» ، وقوله: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ «٤» .

وثانيها- عقوق الوالدين: وإيذاؤهما بالقول أو العمل. فسبهما وشتمهما بل قول أف لهما عقوق وقطيعة. وكذلك عصيان أمرهما. والتلكؤ في قضاء شؤونهما.

ومد اليد بالسوء إليهما. كل ذلك عقوق. ونكران للجميل. نعم إن دعواك إلى الإشراك، أو عصيان الخلاق فلا تطعمهما. وإن وجب عليك البر بهما. وحسن المصاحبة لهما وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ «٥» ، واعلم أن الله تعالى قرن


(١) سورة الفاتحة، الآية: ٥.
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٤) سورة الحج، الآية: ٣١.
(٥) سورة لقمان، الآية: ١٥.

<<  <   >  >>