للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنت أقود برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ناقته في السفر فقال لي: «يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (الفلق: ١) وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (الناس: ١) قال: فلم يرني سررت بهما جدا، فلما نزل لصلاة الصبح صلّى بهما صلاة الصبح للناس، فلما فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الصلاة التفت إلي فقال: «يا عقبة كيف رأيت» «١» ، وهذا من أقوى أنواع التلقي، وطلب العلو في الإسناد.

[ولضرورة التلقي فقد انتشرت الحلق القرانية التي يحييها أئمة الإقراء:]

ويتلقن فيها الناس ألفاظ القران الكريم: فصار لأبي حلقة، ولزيد بن ثابت أخرى، ولابن مسعود ثالثة ... كما قال زيد بن أرقم رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أقرأني عبد الله بن مسعود سورة وأقرأنيها زيد وأقرأنيها أبي ...

[تكرار عرض القران:]

ولأن عرض القران على الشيخ يمثل أسلوبا من أساليب التلقي؛ فقد تعلم الصحابة رضي الله عنهم من تكرار عرض النبي صلّى الله عليه وسلّم القران على جبريل عليه السّلام في رمضان «٢» ، تكرار عرض أصحابهم القران عليهم، وتسلسلت بذلك منهجية تكرار العرض، ومن أمثلته في أئمة الإقراء: ما رواه عاصم بن بهدلة وعطاء بن السائب ومحمد بن أبي أيوب وعبد الله بن عيسى أنهم قرؤوا على أبي عبد الرحمن السلمي وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان عامة القران، وكان يسأله عن القران فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس فعليك بزيد بن ثابت فإنه يجلس للناس ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من القران، وكنت ألقى عليا


(١) أبو داود (٢/ ٧٣) ، مرجع سابق.
(٢) رواه البخاري (١/ ٦) ، مسلم (٤/ ١٨٠٢) ، مرجعان سابقان، وانظر: تلقي النبي ألفاظ القران الكريم ص ١٧٧، مرجع سابق.

<<  <   >  >>