للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الملازم، وتقديم زيد أقوى لذلك، وهو الذي أجمع عليه الصحابة في عهد أبي بكر رضي الله عنه وهم الأكابر، على أن بعض الوحي قد نزل بعد رمضان، والكاتب المتلقن الملازم يقدم على الكاتب المتلقن غير الملازم.

[السبب الحقيقي لتقديم زيد في جمع المصحف المصاحف ونسخه:]

وبعد هذا البحث عن العرضة الأخيرة، وتقرير حضور ابن مسعود رضي الله عنه لها يمكن للباحث القول بأن البعض قد جانبه الصواب حينما جعل معيار تقديم زيد هو حضور العرضة الأخيرة «١» ، والذي نريد تقريره هنا لتتضح الصورة الكلية أن زيد بن ثابت رضي الله عنه ما تولى كتابة المصاحف في عهد عثمان إلا رئيسا للجنة قامت بهذا العمل، شارك فيها أبي- وكذلك في عهد أبي بكر-، وأما ابن مسعود فلم يكن في المدينة حيث كان العمل لنعلم أيعزل عنها كما قال هو أم لا، والأمر كان أعجل من أن يؤخر حتى يرسل إلى ابن مسعود ليأتي من الكوفة حيث المسافة ذهبا وإيابا تقرب من شهرين، مع وجود الأكفاء، ثم وجد الكاتب الإمام الذهبي يقرر هذا التقرير ذاته حيث قال: «إنما شق على ابن مسعود لكون عثمان ما قدمه على كتابة المصحف، وقدم في ذلك من يصلح أن يكون ولده وإنما عدل عنه عثمان لغيبته عنه بالكوفة ولان زيدا كان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو إمام في الرسم، وابن مسعود إمام في الأداء» «٢» .

وأما أيام أبي بكر رضي الله عنه فإن المؤهل الذي قدم زيدا على ابن مسعود مع إجلال أبي بكر وعمر له- وهما راويا حديث «من أحب أن يقرأ القران غضا ... » -


(١) انظر مثلا في: مختارات فصول الجاحظ- مخطوط مصور بدار الكتب رقم ٢٤٠٦٩، وعنه نقل (دكتور) عبد الصبور شاهين: تاريخ القران ص ١٢٣، دار القلم ١٩٦٦ م، وعنه نقلا مؤلفا كتاب معجم القراات القرانية ص ٩ معتبرين إجابة الجاحظ إجابة حكيمة واعية- وهي كذلك- لولا أنها مبنية على وهم.
(٢) سير أعلام النبلاء (١/ ٤٨٨) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>