للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريم، وعلة التحريم عندهم هي وجوب هذا التعليم وتعينه على المسلم:

فالتعليم للقران واجب إلزامي عام يجب بذله لمن لم يطلبه فكيف بمن طلبه؟ «١» .

وذهب الجمهور كعطاء ومالك «٢» والشافعي وأبي ثور إلى جواز الاستئجار على قراءة القران- بل ذهب إلى ذلك الأئمة الثلاثة، ونقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القران عن العلماء كافة إلا الحنفية- «٣» ، وقال الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر المعلم «٤» ، وأجابوا عن أدلة المانعين، واستدلوا لمذهبهم بأدلة تعليمية صريحة في مشروعية حل الأجرة، ومن أبرز الأدلة: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» «٥» ، وهذا نص عام، وبقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من أصاب برقية باطل فقد أصبت برقية حق كل وأطعم أصحابك» «٦» .

وفصّل بعض أهل العلم بالنظر إلى الواقع الحقيقي للمسلمين، فنظر إلى أن المسلمين يشغلون عن ذلك بمعائشهم، وليس فيهم من يقوم به ويكفي الأمة ثغرته، فقال: «أخذ الأجرة على تعليم القران له حالات: فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال أو في موضع لا يقوم به غيره لم تحل له الأجرة وعلى هذا يؤول اختلاف الأخبار فيه» «٧» .


(١) انظر: بداية المجتهد (٢/ ١٦٨) ، مرجع سابق.
(٢) انظر: الإمام مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي: المدونة الكبرى (١/ ٦٢) ، دار صادر، بيروت.
(٣) انظر: فتح الباري (٩/ ٢١٣) ، شرح الزرقاني (٣/ ١٦٩) ، مرجعان سابقان.
(٤) البخاري (٢/ ٧٩٥) ، مرجع سابق.
(٥) البخاري (٥/ ٢١٦٦) ، مرجع سابق.
(٦) ابن حبان (١٣/ ٤٧٤) ، الحاكم (١/ ٧٤٧) ، والحديث في مجمع الزوائد (١/ ٩٥) ، مرجع سابق، وتفصيل الموضوع في الأصل.
(٧) انظر: عون المعبود (٩/ ٢٠٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>