للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: فذلك لك فدخلوا عليه، ثم خرجوا، فقالوا: انطلق بنا! قلت: أين؟

قالوا: إلى أهلك. فقلت: خرجت من أهلي حتى إذا حللت بباب النبي صلّى الله عليه وسلّم أرجع، ولا أدخل عليه، وقد أعطيتموني ما قد علمتم. قالوا: فاعجل فإنا قد كفيناك المسألة فلم ندع شيئا إلا سألناه. فدخلت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يفقهني في الدين ويعلمني. قال: «ماذا قلت» ، فأعدت عليه القول فقال: «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من يقدم عليك من قومك» فذكر الحديث «١» ، وفي رواية أخرى مختصرة قال: فيها فدخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه «٢» ، وما سأل مصحفا إلا لأنه كان أحفظهم.

فصارت الإمامة الدنيوية استحقاقا واجبا من استحقاقات الحافظ (حامل القران) ، بل يقدم الصغير على الكبار إذا كان قارئا كما ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان، فنسألهم: ما للناس ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله أوحى إليه كذا أوحى إليه، كذا فكنت أحفظ ذلك الكلام فكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامها، فيقولون: أتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند نبي الله حقا. قال: «صلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرانا» فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرانا لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو


(١) الطبراني في الكبير (٩/ ٥٠) .
(٢) الاحاد والمثاني (٣/ ١٩١) .

<<  <   >  >>