للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما في الاخرة فحتى يشهدوا له عند الله جل جلاله.

من أجل ذلك بين لهم صلّى الله عليه وسلّم- غير ما تقدم- أن الله عزّ وجلّ أوجب عليه البلاغ لكل ما أوحى إليه من ربه عزّ وجلّ، وإن لم يفعل فما قام بوظيفته التي أرسل من أجلها، كما قال سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (المائدة: ٦٧) ، كما قال الزهري في فقه هذه الاية:

«من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم» «١» ، ... فكل شيء سكت عنه صلّى الله عليه وسلّم فهو مما لم يؤمر بتبليغه- إن كان ثم شيء يبلّغ-، وقد علم الصحابة رضي الله عنهم بأنه لو كان ثم شيء يستحق البلاغ لأمر بتبليغه فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- قال إبراهيم: زاد أو نقص- فلمّا سلّم قيل له: يا رسول الله! أحدث في الصّلاة شيء؟ قال: «وما ذاك؟» قالوا:

صلّيت كذا وكذا. قال: فثنى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثمّ سلّم، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال: «إنّه لو حدث في الصّلاة شيء أنبأتكم به» «٢» .

استشهاده صلّى الله عليه وسلّم الخلق على قيامه بالبلاغ: وقد شهّد أمته على إبلاغه الرسالة، واستنطقهم بذلك في أعظم المجامع، كما في خطبته في حجة الوداع، فعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في خطبة حجة الوداع: «أيها الناس! إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت. فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول: اللهم اشهد» «٣» .


(١) صحيح البخاري (٦/ ٢٧٣٨) .
(٢) البخاري (١/ ١٥٦) ، مسلم (١/ ٤٠٠) ، مرجعان سابقان.
(٣) وورد مثل ذلك عن أبي بكرة عند البخاري (١/ ٥٢) ، ومسلم (٣/ ١٣٠٥) ، وعن ابن عباس عند البخاري (٢/ ٦١٩) ، وقد جاء مثل ذلك أيضا عن عدد من الصحابة في أكثر من موطن.. انظر: الأصل.

<<  <   >  >>