للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى القائم به، الرباط الناظم لهما» «١» ، ولأن إعجاز القران يعتمد على حقيقة واحدة هي أن الله سبحانه وتعالى قاله، كان لا بد من بلوغ أقصى درجات الإبانة اللفظية في كلام الله جل جلاله تمهيدا للإبانة المعنوية؛ ولذا يظهر الاهتمام بألفاظ القران واضحا في القران، ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ: حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ «أي البين الواضح الجلي المعاني والألفاظ؛ لأنه نزل بلغة العرب التي هي أفصح اللغات للتخاطب بين الناس، ولهذا قال تعالى إِنَّا جَعَلْناهُ أي أنزلناه قُرْآناً عَرَبِيًّا أي بلغة العرب فصيحا واضحا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي تفهمونه وتتدبرونه كما قال عزّ وجلّ: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» «٢» .

وصار الطلب الشرعي لضبط ألفاظ القران الكريم استحضارا واستظهارا وإتقانا للأداء بديهية شرعية في حياة الصحابة رضي الله عنهم، كما كان تعظيمه، وصونه باستظهار ألفاظه، والعمل على نشره كتابة وحفظا وتعليما من أبرز مقاصد التنزيل الحكيم: أي ليعظم عندهم بألفاظه، فيحافظ عليها، ويتبع معانيها: كما في قوله سبحانه وتعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (الزخرف: ٤) ف «بين شرفه في الملأ الأعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض ... » «٣» وكما قال تبارك وتعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) (الواقعة: ٧٧- ٨٠) وقال تعالى: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (عبس: ١١- ١٦) فإذا كانت «الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القران في الملأ


(١) بيان إعجاز القران (ص ٢٦) .
(٢) ابن كثير (٤/ ١٢٣) ، مرجع سابق.
(٣) ابن كثير (٤/ ١٢٣) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>