للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع رجلا يقرأ من الليل فقال: «يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا اية كنت أسقطتها» ولفظ البخاري «أنسيتها من سورة كذا وكذا» «١» ، ففي هذه التعاليم المتقدمة «كراهة قول نسيت اية كذا وهي كراهة تنزيه، وأنه لا يكره قول أنسيتها، وإنما نهي عن نسيتها لأنه يتضمن التساهل فيها والتغافل عنها، وقد قال سبحانه وتعالى: أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها (طه: ١٢٦) ، واللغة ليست أداة للتعبير بل هي وعاء للتفكير أيضا «٢» ، وقال القاضي عياض: «أولى ما يتأول عليه الحديث أن معناه ذم الحال لا ذم القول أي نسيت الحالة حالة من حفظ القران فغافل عنه حتى نسيه» «٣» .

رابعا: رهبهم النبي صلّى الله عليه وسلّم من نسيانه «٤» :

فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أمير عشرة إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يطلقه الحق أو يوثقه ومن تعلم القران ثم نسيه لقي الله تعالى وهو أجذم» «٥» .

[خامسا: جعل الشرع قلة تعاهده ومراجعته جفاء، وهجرا:]

فالهجر كما قال جل جلاله: وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان: ٣٠) ، وعلمهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن ذلك منهي عنه في قوله: «اقرؤوا القران، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تجفوا عنه ... » ، والمراد تعاهدوه


(١) البخاري (٤/ ١٩٢٩) ، مسلم (١/ ٥٤٣) واللفظ له، مرجعان سابقان.
(٢) انظر: نحو تقويم جديد للكتابة العربية (المقدمة) ، كتاب الأمة رقم ٦٩.
(٣) نقل هذا القول عنه النووي في شرح مسلم (٦/ ٧٦) ، والمباركفوري في تحفة الأحوذي (٨/ ٧٦) ، مرجعان سابقان.
(٤) أشار الؤلف لهذا البند إشارة؛ اكتفاء بما ذكره في إثبات قبول هذه الأحاديث، ومدلولها في كتاب تلقي النبي صلّى الله عليه وسلّم ص ٢٤٥، مرجع سابق، وخشية من التكرار.
(٥) مجمع الزوائد (٧/ ١٦٦) ، مرجع سابق، وقال: «رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف» .

<<  <   >  >>