للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (المزمل: ٦- ٧) ... فتحديد هذا الوقت هو تسلسل لمنهجية الإقراء فقد أمره الله سبحانه وتعالى بهذا الوقت للمراجعة ورغبه فيه، ثم أمر هو أصحابه به، ورغبهم فيه فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تعلّموا القران واقرؤه وارقدوا فإنّ مثل القران ومن تعلّمه فقام به كمثل جراب محشوّ مسكا يفوح ريحه كلّ مكان ومثل من تعلّمه فرقد وهو في جوفه كمثل جراب أو كي على مسك» «١» .

وقد أشار النبي صلّى الله عليه وسلّم للمراجعة والتعاهد في هذا الحديث بقوله: «واقرؤه» بعد قوله «تعلموا القران» فلا يكون معنى الأمر بالقراءة بعد الأمر بالتعلم إلا معنى المراجعة.

وهذه المراجعة من اللوازم في حياة المسلم بحيث لا ينبغي لحافظ القران قبل إن يراجع القران أن ينام، فقوله «فقام به» أي تشمر لأداء حقه قراءة وعملا، ثم شبه المراجع للقران في وقته النموذجي، وهو قيام الليل بما يرفعه وينفعه، وهو قوله «كمثل جراب محشوّ مسكا يفوح ريحه كلّ مكان» لكأن حافظ القران المراجع له في قيام الليل وعاء مملوء بالمسك الفواح ...

وفي ذلك إيماء إلى أن بركات القران وبصائره ونوره لا تنال إلا بذلك ... وإلا فلم التعنّي؟ وأما من رقد أي غفل ونام «كمثل جراب أوكي على مسك» ، والمعنى أنه ملأه مسكا وربط فمه على المسك أي لأجله ...

وهذا مثال على البله وسفه العقل، فإنما يراد المسك لتشم الرائحة الطيبة من صاحبه، وهذا منعها أن تفوح.


(١) ابن ماجة ١/ ٧٣، مرجع سابق.

<<  <   >  >>