للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- أنه أشد موافقة بين القلب والسمع واللسان: لانقطاع الأصوات والحركات، وهذا على قراءة من مد فهو مصدر واطأت وطاء، فيواطىء السمع القلب في الليل، ومنه قول الله جل جلاله: لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ (التوبة: ٣٧) أي ليوافقوا، وفائدة ذلك من جهة اللفظ: رسوخ اللفظ وثبوته، واستقامة الحفظ فلا يزيغ وذلك أنه لا يعرض له حوائج «١» ، وكذا إن قرأ نظرا في النهار ثم أعاده في الليل: فيتواطأ (يتوافق) عند ذلك البصر والسمع والقلب فعن مجاهد قال: تواطؤ سمعك وبصرك وقلبك، فهي أجدر أن يتواطأ لك فيها سمعك وبصرك «٢» ، ثم أكد على شدة الاشتغال في النهار فقال: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (المزمل: ٧) أي تصرفا في حوائجك وإقبالا وإدبارا وذهابا ومجيئا «٣» ..

٣- كما أن العمل بالليل «أشد ثباتا من النهار» «٤» ، فإن مراجعة القران تحتاج إلى الديمومة والتعاهد، وهذا في الليل أسهل منه في النهار" فإن الليل يخلو فيه الإنسان بما يعمله فيكون ذلك أثبت للعمل، وأنفى لما يلهي ويشغل القلب فأشد وطئا أي أشد نشاطا للمصلي، وأثبت للقراءة، وهذا هو معنى قوله سبحانه وتعالى: وَأَقْوَمُ قِيلًا (المزمل: ٦) أي أصوب للقراءة، وأثبت للقول لأنه زمان التفهم، أو أشد استقامة لفراغ البال بالليل، أو أجدر أن يتفقه في القران «٥» .


(١) تفسير الطبري (٢٩/ ١٣٠) ، مرجع سابق.
(٢) تفسير الطبري (٢٩/ ١٣٠) ، مرجع سابق.
(٣) تفسير القرطبي (١٩/ ٤٢) ، مرجع سابق، وانظر: الجلالين ص ٧٧٣، مرجع سابق.
(٤) تفسير القرطبي (١٩/ ٤١) ، مرجع سابق.
(٥) انظر: تفسير القرطبي (١٩/ ٤١) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>