للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحق الحرف هو: صفاته الذاتية اللازمة له فلا تنفك عنه كالجهر والشدة والاستعلاء، وكالإعراب النحوي ... فإن انفكت عنه فإن الانفكاك يغير ذات الحرف فإن عصى ومحظور إذا لم يعط الصاد والظاء حقهما من الاستعلاء والإطباق يصيران عسى ومحذور.

ومستحقه هو: صفاته العارضة الناشئة عن الصفات الذاتية كالتفخيم فإنه ناشئ عن الاستعلاء والتكرير، والترقيق فإنه ناشئ عن الاستفال ... والكسر والتفخيم متضادان لأن الأول يستدعي انخفاض اللسان والثاني يستدعي ارتفاعه ... وهذا على سبيل الإجمال، وإلا فالتفصيل أن التفخيم لا ينشأ دائما عن الاستعلاء ... وكالإظهار والقلب والإخفاء فإنها ناشئة إما عن التماثل وإما عن التقارب وإما عن التباعد، وإما عن التجانس، وهذه من الصفات الذاتية التركيبية.. كما هو مبسوط في محاله.

ولأن التجويد يعتمد على التلقي فما زال العلماء يكثرون من التنبيه أن إتقان التجويد لا بد فيه من رياضة الألسن والتكرار للفظ المتلقى كما قال الداني: «ليس بين التجويد وبين تركه إلا رياضة لمن تدبره بفكه» «١» ؛ إذ تنشأ في حال التركيب أحكام غيرها حال الإفراد «فمن أحكم صحة التلفظ حالة التركيب حصّل حقيقة التجويد بالإتقان والتدريب» «٢» ، وقال صاحب كشف الظنون عن هذا العلم:

«وهو كالموسيقي من جهة أن العلم لا يكفي فيه بل هو عبارة عن ملكة حاصلة من تمرن امرئ بفكه وتدربه بالتلقف عن أفواه معلميه» «٣» والناس في ذلك بين محسن مأجور، ومسيء اثم أو معذور كما قال ابن الجزري «٤» .


(١) التحديد ص ٦٠، مرجع سابق.
(٢) التمهيد ص ٦٥، مرجع سابق.
(٣) كشف الظنون (١/ ٣٥٣) ، مرجع سابق.
(٤) كشف الظنون (١/ ٣٥٣) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>