للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي مراتب الترتيل هي الأفضل؟

وعلاقة هذا السؤال بالبحث تستبين بأن يقال بصيغة أخرى:

هل علمهم النبي صلّى الله عليه وسلم القراء بالتحقيق أم بغيره؟

الجواب: الظاهر أن النبي صلّى الله عليه وسلم علمهم القراءة بمراتبها المختلفة، وإن لم تكن التسمية الاصطلاحية سائدة لكن الغالب على قراءته وأصحابه التحقيق المتوسط (يقرب من التدوير) لما تقدم من حديث حفصة تصف قراءة النبي صلّى الله عليه وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها «١» ، ولا يكون ذلك إلا بالتحقيق (الترتيل بمعناه الخاص) أو بالتدوير، وحديث حذيفة قال: صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلم ليلة ... فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر باية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع ... الحديث «٢» .

وقد تعلم منه الصحابة رضي الله عنهم التحقيق وأمروا به تلاميذهم ونفروهم من الهذ الذي يتجاوز الحدر ولذا قال البخاري- رحمه الله تعالى-: «باب الترتيل في القراءة وقوله تعالى وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (المزمل: ٤) وقوله وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ (الإسراء: ١٠٦) وما يكره أن يهذ كهذ الشعر» «٣» وبوب النووي في مسلم: «باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ وهو الإفراط في السرعة» ، وجاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: يا أبا عبد الرحمن! كيف تقرأ هذا الحرف ألفا تجده أم ياء من اسن أو من ياسن؟ قال فقال:

عبد الله وكل القران قد هذا قال إني لأقرأ المفصل في ركعة، فقال عبد الله: هذا


(١) مسلم (١/ ٥٠٧) ، مرجع سابق.
(٢) مسلم (١/ ٥٣٦) ، أبو عوانة (١/ ٤٦٠) ، مرجعان سابقان.
(٣) البخاري (٤/ ١٩٢٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>