للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما استدل القرطبي على ذلك بأن المراد بالتغني الجهر به كما ثبت ذلك في حديث أبي هريرة «١» ، ولكن الظاهر أن هذا اللفظ (يجهر) يدل على تحسين الصوت وهو ما جعل الإمام السيوطي يستدل بقوله (يجهر به) على تحسين الصوت «٢» .

التأويل الثاني: وقيل هو تزيين القران بجمال الصوت:

فإن القران قد يخرج بصوت جاف فظّ يلقيه قارئه ولا يبالي بتجميله فلا تلتفت إليه القلوب لا لأنه كلام الله بل لأن المتلفظ به ما أبان البلاغ، ولا أجمل الأداء وعلى هذا فلا «حاجة إلى القلب وإنما معناه الحثّ على التّرتيل الذي أمر به في قوله تعالى وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» «٣» فحقيقة الحديث: أنه يحث على ترتيل القران «ورعاية إعرابه وتحسين الصوت به وتنبيه على التحرز من اللحن والتصحيف فإنه إذا قرئ كذلك كان أوقع في القلب وأشد تأثيرا وأرق لسامعه» «٤» ، والرواية الاخرى- إن ثبتت- فهي تتميم لها ف «زينوا أصوآتاكم بالقران» أي الهجوا بقراءته واشغلوا أصوآتاكم به، واتخذوه شعارا وزينة لأصوآتاكم «٥» ، كما ينبغي لكم أن تخرجوه بأحسن لفظ وأجمل أداء.

[توجيه الزينة في الحديث:]

ويكون للحديث على هذا توجيه حسن جدا؛ إذ تكون «الزّينة للمرتّل لا للقران كما يقال ويل للشّعر من راوية السّوء فهو راجع إلى الرّاوي لا للشّعر» «٦» ،


(١) البخاري (٤/ ١٩١٨) ، مسلم (١/ ٥٤٥) ، مرجعان سابقان.
(٢) الديباج على صحيح مسلم (٢/ ٣٩٣) ، مرجع سابق.
(٣) النهاية (٢/ ٣٢٥) ، مرجع سابق.
(٤) فيض القدير (٤/ ٦٨) ، مرجع سابق.
(٥) فيض القدير (٤/ ٦٨) ، مرجع سابق.
(٦) النهاية (٢/ ٣٢٥) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>