للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«القلب لا وجه له» «١» ، والقول الثاني لا ينفي الأول أما الأول فنفى أصحابه الثاني، وقولهم مقبول لكن نفيهم مردود، فالتزيين لكلام الله عزّ وجلّ لأن الصوت صوت القاري، وإن كان الكلام كلام الباري.

وواقع المسلمين بشيبهم وشبابهم وذكورهم وإناثهم، وكبارهم وصغارهم شاهد على ذلك فإنك تجد كل واحد منهم لو كان أميا إن أراد أن يقرأ غير صوته على هيئة تتشابه بينهم جميعا، وإن كانت تتفاوت في حسنها، وانضباط قواعدها في تظاهرة عجيبة تدل على مقدار الحفظ الإلهي للقران الكريم.

ويبقى- بعد ذلك- الاختلاف في الأصوات البشرية مسألة طبعية:

كما قال الإمام البخاري: «فبين النبي صلّى الله عليه وسلم أن أصوات الخلق وقرااتهم ودراستهم وتعليمهم وألسنتهم مختلفة بعضها أحسن وأزين وأحلى وأصوت وأرتل وألحن وأعلى وأخف وأغض وأخشع وقال وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (طه: ١٠٨) وأجهر وأخفى وأمهر وأمد وألين وأخفض من بعض» «٢» .

وهنا نلحظ معلما هاما هو أن النبي صلّى الله عليه وسلم علمهم تقديم حسن الصوت في الأذان فأحرى أن يكون ذاك في القران: فعن عبد الله بن زيد قال: لما أصبحنا أتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبرته بالرؤيا فقال: «إن هذه الرؤيا حق فقم مع بلال فإنه أندى أو أمد صوتا منك فألق عليه ما قيل لك فينادي بذلك» «٣» .


(١) النهاية (٣/ ٣٢٦) ، مرجع سابق.
(٢) خلق أفعال العباد ص ٧٣، مرجع سابق.
(٣) اللفظ المذكور لابن خزيمة (١/ ١٨٩) ، وابن حبان (٤/ ٥٧٣) ، والضياء في المختارة (٩/ ٣٧٤) ، ورواه الترمذي (١/ ٣٥٩) ، مراجع سابقة، وهو عند أبي داود (١/ ١٣٥) ، مرجع سابق بلفظ (أندى) ، وفي تلخيص الحبير (١/ ١٩٧) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>