للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- علمهم النبي صلّى الله عليه وسلم أجمل أنواع التحسين عمليا بأن قرأ بالترجيع وأقرهم على تحبير الصوت، وكان صوته صلّى الله عليه وسلم في قراءة القران غاية في الملاحة وهو المقتدى به، وقد تقدم ذلك كله.

فتحسين الصوت مطلوب من حيث العموم فإن كان التحسين على خصوص قواعد النغم فيظهر ألا مانع بحسب المقدمات السابقة، إلا أن يخاف من المشابهة بين لحن القراءة ولحن الغناء مما يؤدي إلى تهوين شأن القراءة، وترك التعظيم الواجب لها فيمنع ... وقد تقدم أن من أركان الترتيل السكينة والوقار ...

فيلتزم ذلك كذلك.

والذي يتحصل من الأدلة هو ما قاله ابن حجر: «أن حسن الصوت مطلوب فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، ومن جملة تحسينه أن يراعى فيه قوانين النغم فإن الحسن الصوت يزداد حسنا بذلك ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراات؛ ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب على من راعى الأنغام ألايراعى الأداء فإن وجد من يراعيهما معا فلا شك في أنه أرجح من غيره لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت واجتناب الممنوع من حرمة الأداء» «١» ، حتى تقرر عند المالكية أن «القراءة بالتلحين سنة، وسماعه يزيد إيمانا بالقران وغبطة ويكسب القران خشية» «٢» ، وقال القاضي عياض: «من إعجاز القران أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديده يوجب له محبة ... وسواء من الكتب لا يوجد ذلك فيها حتى أحدث أصحابها ألحانا وطرقا يستجلبون بتلك


(١) انظر: فتح الباري (٩/ ٧٢) ، مرجع سابق.
(٢) (العبدري) محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري أبو عبد الله ت ٨٩٧ هـ: التاج والإكليل لمختصر خليل، دار الفكر، بيروت، ط ٢، ١٣٩٨ هـ.

<<  <   >  >>