للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع: تعليمه صلّى الله عليه وسلم أحكام الجهر والإسرار بقراءة القران:

١- علمهم صلّى الله عليه وسلم أن الجهر بالقراءة هو الأصل في قراءة القران، ويشرع مشروعية مؤكدة إذا أريد منه التعليم أو الاقتداء أو تعظيم شعائر الله، أو التعود على الترنم بكلام الله ليكون هجيراه، ويدل على ذلك أنه كان يرفع صوته بالقراءة في قيامه بالليل تعليما وتنبيها فعن كريب قال سألت ابن عباس فقلت: كيف كانت صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالليل؟ فقال: كان يقرأ في بعض حجره فيسمع قراءته من كان خارجا «١» وعن أم هانئ قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ بالليل وأنا على عريشي بمكة «٢» كما يدل على هذا جهره بالقراءة وهو راكب على ناقته عند فتح مكة، ففي ذلك «إرشاد إلى أن الجهر بالعبادة قد يكون في بعض المواضع أفضل من الإسرار وهو عند التعليم وإيقاظ الغافل ... » «٣» كما أقر أبا بكر رضي الله عنه على قراءته رفع صوته بالقران في بيته، بل كان يحث عليه أصحابه، ويثني عليهم إن سمعهم فعن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ من الليل فقال: «يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا اية كنت أسقطتها (ولفظ البخاري أنسيتها) من سورة كذا وكذا» «٤» ، وعن جابر رضي الله عنه قال: رؤى في المقبرة ليلا نار فإذا النبي صلّى الله عليه وسلم في قبر وهو يقول:

«ناولوني صاحبكم» ، وفيه: هو الرجل (الأواه) الذي كان يرفع صوته بالقران «٥» وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين: إنه أواه وذلك إنه كثير الذكر لله عز وجل في القران وكان يرفع صوته في الدعاء «٦» .


(١) البيهقي في سننه الكبرى (٣/ ١١) ، مرجع سابق.
(٢) شعب الإيمان (٢/ ٣٨٣) ، مرجع سابق.
(٣) فتح الباري (٩/ ٩٢) ، مرجع سابق.
(٤) البخاري (٤/ ١٩٢٩) ، مسلم (١/ ٥٤٣) واللفظ له، مرجعان سابقان.
(٥) شرح معاني الاثار (١/ ٥١٢) ، مرجع سابق، وأوله في الحاكم (١/ ٥٢٣) ، مرجع سابق.
(٦) مجمع الزوائد (٩/ ٣٦٩) ، مرجع سابق، وقال: «رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن» .

<<  <   >  >>