للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ (الروم: ٥٦) ، وسلب الإيمان (العمل) من أخوف ما يتقيه حامل القران، وقد علمهم النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك حتى أخبرهم بأن القران قد يستظهره ألد أعدائه فقال صلّى الله عليه وسلم: «يخرج من الكاهنين رجل يدرس القران دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده» «١» .

وأما ما أشار إليه بعض الصحابة كجندب بن عبد الله، وعبد الله بن عمر وغيرهما بقولهم: تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القران فازددنا إيمانا وأنتم تتعلمون القران ثم تتعلمون الإيمان، وكذلك قال حذيفة: إنا قوم أوتينا الإيمان قبل أن نؤتى القران، وإنكم قوم أوتيتم القران قبل أن تؤتوا الإيمان «٢» ... فالمراد بالإيمان هنا أخص العمل وهو الاستعداد والخشية والحب والتلهف، ومثله ما جاء عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الاخر أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القران ثم علموا من السنة.. «٣» . على أن تعلم لفظ القران سابق على كل شيء.

ولا يتوهم من قوله صلّى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القران وعلمه» : «أن العمل خارج عنهما؛ لأن العلم إذا لم يكن مورثا للعمل ليس علما في الشريعة إذا أجمعوا على أن من عصى الله فهو جاهل» «٤» ، وقد قال ابن عبد البر: «وحملة القران هم العاملون بأحكامه وحلاله وحرامه بما فيه» «٥» ، ولذا فالأجر إنما يكون لمن يعمل به فعن النّوّاس بن سمعان الكلابيّ قال: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يقول:


(١) الطبراني في الكبير (٢٢/ ١٩٧) ، مرجع سابق.
(٢) البيهقي في الكبرى (٣/ ١١٩) ، مرجع سابق.
(٣) البخاري (٥/ ٢٣٨٢) ، مرجع سابق.
(٤) تحفة الأحوذي (٨/ ١٧٩) ، مرجع سابق.
(٥) التمهيد لابن عبد البر (١٧/ ٤٣٠) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>