للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكثر من تلاوة القران الكريم على من يبلغهم عامة، فيصل إلى شغاف من أراد الله بهم خيرا، ويحجب عن غفلة القلوب فكانوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (الكهف: ١٠١) ف «لعداوتهم النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يقدرون أن يسمعوا ما يتلو عليهم» «١» .

٣- نقله صلّى الله عليه وسلّم الوظيفة لأصحابه رضي الله عنهم تعبدا لجعل نطاق المستمعين أكثر:

فقد قام الصحابة رضي الله عنهم بتلاوة القران الكريم على الناس منذ وقت مبكر فعن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم رضي الله عنها قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة- وهو سيد القارة- فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر:

أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي، قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يخرج، ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فارجع فاعبد ربك ببلادك. فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله، ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق. فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه


(١) (الواحدي) أبو الحسن علي بن أحمد ت ٤٦٨ هـ: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٦٧٣) ، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دار القلم- بيروت، ط ١، ١٤١٥ هـ.

<<  <   >  >>