للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثنايا فإذا اختلفوا في شيء انتهوا إلى قوله، فلما انصرفت إلى منزلي بت بأطول ليلة قلت: جلست في مجلس فيه كذا وكذا من أصحاب النبي عليه السلام لا أعرف منازلهم، ولا أسماءهم، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد فإذا الفتى الأدعج قاعد إلى سارية فجلست إليه: فقلت: إني أحبك لله تعالى قال: فأخذ بحبوتي ثم قال: الله إنك لتحبني في الله؟ قلت: الله إني لأحبك في الله تبارك وتعالى. قال: أفلا أحدثك بما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قلت:

بلى! قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «المتحابون في الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله» ، فبينا نحن كذلك إذ مر رجل ممن كان في الحلقة فقمت إليه فقلت: إن هذا حدثني حديثا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فهل سمعته؟ قال:

ما كان ليحدثك إلا حقا فما هو؟ فأخبرته فقال: سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما هو أفضل منه. قلت: يرحمك الله وما الذي أفضل منه؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأثر عن الله تعالى: «حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين، في وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في» قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت. قلت: فمن الفتى؟

قال: معاذ بن جبل «١» .

ولكنه تتلمذ على يد ابن مسعود رضي الله عنه ابتداء: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء معاذ إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أقرئني. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أقرئه» فأقرأته ما كان معي ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأه معاذ فكان معلما من المعلمين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم «٢» .


(١) المختارة (٨/ ٣٠٩) ، مرجع سابق.
(٢) ابن أبي شيبة (٦/ ١٣١) ، سير أعلام النبلاء (٤/ ٧٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>