للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحدود اللفظية للقران الكريم:]

كانت سور القران وآياته النازلة معلومة معروفة، ومن ثم فحدوده باتت بدهية عند جملة المسلمين، وسوره النازلة يتابعها كل مسلم يكون قريبا من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذلك للتالي:

١- لأنه مادة البلاغ الأساسية: فليس للنبي صلّى الله عليه وسلّم من همّ صباح مساء إلا تبليغه تلاوة وتعليما: بلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم القران الكريم بخصوصه، وغيره من أنواع الوحي كالحديث النبوي تابع له إيضاحا وتفسيرا غالبا، فالقران هو أساس البلاغ كما هو منهاج التعليم فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كان رسول صلّى الله عليه وسلّم يعرض نفسه على النّاس في الموقف فقال ألا رجل يحملني إلى قومه فإنّ قريشا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربّي «١» ، ولذا اشتد اهتمامه بإقراء القران: فهو وسيلة إنذاره وإبلاغه رسالته هي القران فبه ينطق، وبه يتكلم، وبه يخبر عن ماهية رسالته عندما يريد البيان، وبه يجادل، وبه يجاهد كما قال جل جلاله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (الأنعام: ١٩) ، فمن بلغه هذا القران من عرب وعجم وأسود وأحمر وإنس وجان فهو نذير له ولهذا قال سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ (هود: ١٧) ، ولا يكفرون به إلا بعد سماعه» «٢» ، وهي في الدّلالة كقوله سبحانه وتعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (الفرقان: ١) فصارت المهمة في المقام الأول إبلاغ القران، ولما جادل عتبة بن ربيعة النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعد جواب النبي صلّى الله عليه وسلّم أن قرأ صلّى الله عليه وسلّم على عتبة بن ربيعة أوائل سورة فصلت لما أراد صلّى الله عليه وسلّم أن يرد عليه «٣» .


(١) أحمد (٣/ ٣٩٠) ، الترمذي (٥/ ١٨٤) وقال: «هذا حديث غريب صحيح» .
(٢) ابن كثير (١/ ٣) ، مرجع سابق.
(٣) في حديث طويل أخرجه الحاكم (٢/ ٢٧٨) ، مرجع سابق، وصححه.

<<  <   >  >>