للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- كل حرف مستغن عن الاخر، ولا يحتاج إليه، ولا يفتقر إليه، وإن كان بعضها قد يزيد في إيضاح بعض، فعلى قول من يقول باندثارها ما عدا حرفا واحدا فلا ضير على القران الكريم، فالختمة الواحدة الكاملة للقران الكريم تتحقق برواية قرائية واحدة، ولا يحتاج إلى جمع القراات جميعا لإتمام ختمة قران، كما لا يحتاج إلى جمع الأحرف السبعة.

وبناء على هذا تستبين العلاقة أيضا بين القران والقراات:

فالقراءة من حيث إطلاقها على مجموع المقروء محلا ولفظا ووضعا هو القران، أما القراءة من حيث إطلاقها على الموضع المختلف فيه فهي قراءة وهي وجه من أوجه القران المقروء فتؤول إلى القران فهو الأصل وهي أحد أوجهه فالعلاقة التغاير الذي محصلته الاتحاد في أصلية القران إذ القراءة منبثقة عنه، والافتراق في أن القران يتحقق بوجه واحد من الأوجه المختلف فيها التي تسمى قراءة.

ولذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يسمي ذلك كله قرانا، أي هو قران بهذه الوجه من القراءة أو بذاك فقد قرأ رجل عند عمر فغير عليه فقال: قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلم يغير علي قال: فاجتمعا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: فقرأ أحدهما على النبي صلّى الله عليه وسلم فقال له: «أحسنت» قال: فكأن عمر وجد في نفسه من ذلك فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «يا عمر إن القران كله صواب ما لم يجعل مغفرة عذابا أو عذابا مغفرة» «١» فسمى القراءة المختلف فيها قرانا.

ووضح أهل العلم حقيقة التغاير بين القران والقراءة فقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى- وهو يتكلم عن القراات: «ومن ادعى تواترها فقد كابر


(١) أحمد (٤/ ٣٠) ، مرجع سابق، وقال مجمع الزوائد (٧/ ١٥١) ، مرجع سابق: «رواه أحمد ورجاله ثقات» .

<<  <   >  >>