للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: تعليمه صلّى الله عليه وسلم عدم التناقض المعنوي بين هذه الأحرف:

وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يبين لهم أن هذه الأحرف السبعة تتنوع من حيث معانيها إلى معان معروفة دون تناقض فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له:

«إن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد وإن القران انزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف حلال وحرام ومحكم ومتشابه وضرب أمثال وأمر وزجر فأحل حلاله وحرم حرامه واعمل بمحكمه وقف عند متشابهه واعتبر أمثاله فإن كلا من عند الله وما يذكر إلا أولو الألباب» «١» ، فاخر الحديث تثبيت لعدم الاضطراب والتناقض في أول الحديث، وتبيين لأشكال المعاني التي ترجع إليها هذه الأحرف، فهي كالحرف الواحد في الانسجام وعدم الاضطراب، فالمسلمون متفقون «على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض بل يصدق بعضها بعضا كما تصدق الايات بعضها بعضا» «٢» .

«وقد استمر أهل القراات على أن يعملوا بالروايات التي صحت عندهم مما وافق المصحف وأنهم في ذلك قارئون للقران من غير شك ولا إشكال، وإن كان بين القراءتين ما يعده الناظر ببادئ الرأي اختلافا في المعنى لأن معنى الكلام من أوله إلى اخره على استقامة لا تفاوت فيه بحسب مقصود الخطاب وهذا كان عادة العرب..» «٣» .

وترجع الاختلافات في هذه الأحرف السبعة إلى ثلاثة محاور، ليس في شيء منها تضاد بين القراات المختلفة «٤» :


(١) ابن حبان (٣/ ٢٠) ، الحاكم (١/ ٧٣٩) ، مرجعان سابقان.
(٢) ابن تيمية (١٣/ ٤٠١) ، مرجع سابق.
(٣) الموافقات في أصول الشريعة (٢/ ٨٣) .
(٤) الأحرف السبعة للداني ص ٤٧.

<<  <   >  >>