للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه، مع عدم التناقض العام:]

كقراءة من قرأ: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا (يوسف: ١١٠) بالتشديد لأن المعنى وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم وقراءة من قرأ فَقَدْ كَذَّبُوا بالتخفيف لأن المعنى وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول للرسل والثاني للمرسل إليهم والظن في القراءة الثانية شك والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل ...

وهكذا فهم السلف أن معنى هذه الأحرف أنها في الأمر الواحد الذي لا يختلف حلا وحرمة:

فلا تناقض بينها معنى كما قال الزهري تعليقا على حديث الأحرف السبعة:

«بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام» «١» بل «كلها شاف كاف» فكل «حرف من هذه الأحرف السبعة شاف لصدور المؤمنين، لاتفاهما في المعنى، وكونها من عند الله وتنزيله ووحيه، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ (فصلت: ٤٤) وهو كاف في الحجة على صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم لإعجاز نظمه، وعجز الخلق عن الإتيان بمثله» «٢» .


(١) مسلم (١/ ٥٦١) ، المسند المستخرج على صحيح مسلم (٢/ ٤١٤) ، مرجعان سابقان.
(٢) شرح السنة (٤/ ٥١٢) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>