للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل هذه الألفاظ المتعددة تتضافر على التأكيد على أمر واحد هو أن القراات توقيفية منزلة من عند الله عزّ وجلّ ليس لأحد أن يقرأ بمحض اجتهاده فيأتي بما يظنه مرادفا، أو يقرأ بهيئة مختلقة من عند نفسه، وعلى أن منهج الإقراء المعتمد هو التلقي والتناقل، وليس غيره.

ومعنى «هكذا أقرأني جبريل» «أنه أقرأه مرة بهذه، ومرة بهذه» «١» ، كما قالوا:

كان صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نقرأ القران كما أقرئناه وقال: إنه أنزل على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه فإنه مبارك كله فاقرؤوه كالذي أقرئتموه «٢» .

وأمر صلى الله عليه وسلم بالتزام كل شخص ما علّم فعن حذيفة رضي الله عنه قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل وهو عند أحجار المرى فقال: «إن أمتك يقرؤون القران على سبعة أحرف فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم ولا يرجع عنه» «٣» ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلم سورة الرحمن فخرجت إلى المسجد عشية فجلس إلي رهط فقلت لرجل اقرأ علي فإذا هو يقرأ أحرفا لا أقرؤها فقلت من أقرأك؟ فقال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى وقفنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: اختلفنا في قراءتنا، فإذا وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيه تغير ووجد في نفسه حين ذكرت الاختلاف فقال إنما هلك من قبلكم بالاختلاف فأمر عليا فقال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم فإنما أهلك من قبلكم الاختلاف قال فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حرفا لا يقرؤه صاحبه «٤» .


(١) القرطبي (١/ ٤٨) ، مرجع سابق.
(٢) الطبراني في الكبير (٧/ ١٥٢) ، مرجع سابق.
(٣) أحمد (٥/ ٣٨٥) ، مرجع سابق، وهو في مجمع الزوائد (٧/ ١٥١) ، مرجع سابق.
(٤) ابن حبان (٣/ ٢٢) ، الحاكم (٢/ ٢٤٣) ، مرجعان سابقان.

<<  <   >  >>