للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- وهذا ما قرره ابن مسعود ذاته عندما أراد أن يوضح أن الاختلاف اللفظي بين الأحرف السبعة لا يؤدي إلى التناقض فقال: «واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه كذب وفجر وبقوله إذا صدقه صدقت وبررت إن هذا القران لا يختلف ولا يستشنى ولا يتفه لكثرة الرد فمن قرأه على حرف فلا يدعه رغبة عنه» ، وبين لهم ضرورة التوقيفية فقال: «إن هذا القران أنزل على حروف والله إن كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط فإذا قال القاري هذا أقرأني قال أحسنت وإذا قال الاخر قال كلاكما محسن ... » «١» .

ولذا قال ابن تيمية: «وأما من قال عن ابن مسعود أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه، وإنما قال قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم أقبل وهلم وتعال فاقرؤوا كما علمتم» «٢» ، وبين الجزري عذره- إن صح ما نقل عنه- فقال: «وأما من يقول إن بعض الصحابة كابن مسعود كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب ... نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قرانا فهم امنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه لكن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره ذلك ويمنع منه» «٣» .

٥- وقال ابن عطية: «لم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: «فاقرؤا ما تيسر منه» بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب إعجاز القران ... وإنما وقعت


(١) أحمد (١/ ٤٠٥) ، مرجع سابق، وهو في مجمع الزوائد (٧/ ١٥٣) .
(٢) ابن تيمية (١٣/ ٣٩٧) ، مرجع سابق.
(٣) النشر في القراات العشر (١/ ٣٢) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>