للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واخذ «١» ، والجواب: أن هذا كالسابق فإنما كان يقرؤها تفسيرا لا قراءة، ولعل الأعمش فهم ذلك حيث قال سمعت أنس بن مالك يقول في قول الله عز وجل وأقوم قيلا ... لم يقل قرأها كذا، أو تلاها فأراد التفسير كما ذكر ذلك ابن كثير «٢» .

[القراءة بالمعنى تخالف حقيقة القران:]

وكما أن القراءة بالمعنى تخالف منهج التلقي القراني، فكذلك تخالف ماهية القران: من حيث إنه كلام الله الذي لا يؤديه بشر إلا بلفظه، والقارئ بالمعنى يزعم أنه يحكيه بمعناه لا بلفظه.

وأنه معجز بالنظم، والقارئ بالمعنى يقرأ نظم بشر، وهذا من أوضح الأدلة على منع تغير اللفظ ففي «ذلك ما أبان أن نظم القران ليس من عند جبريل ولكنه من عند اللطيف الخبير» «٣» .

والقارئ بالمعنى يجعله كلام بشر، والقران يدفع ذلك وينفيه، وبجعل القارئ به مفتريا محتقبا إثما وزورا.

والقارئ بالمعنى يجعله غير محفوظ الألفاظ، والقران يمنع ذلك قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ (يونس: ١٥) ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (الحاقة: ٤٤- ٤٦) ، والقران يجب ترتيله، والقارئ بالمعنى لا يلتزم لفظه فكيف يجب ترتيله؟.


(١) الطبري (٢٩/ ١٣١) ، أبو يعلى (٧/ ٨٨) ، مرجعان سابقان.
(٢) ابن كثير (٤/ ٤٣٦) ، مرجع سابق.
(٣) شعب الإيمان (١/ ١٩٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>