للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إفادة التواتر لليقين مطلقا:]

«أكثر العقلاء على انه إذا تواتر الخبر أفاد العلم اليقين سواء كان خبرا عن أمور موجودة في زماننا كالإخبار عن البلدان البعيدة أو عن أمور ماضية كالأخبار عن وجود الأنبياء عليهم السلام وغيرهم في القرون الماضية» «١» ، ولذا حقق العلماء أن ضابط الخبر المتواتر إفادة العلم، وقرر الدهلوي بأنه ليس ميزان التواتر عدد الرواة ولا حالهم ولكن اليقين الذي يعقبه في قلوب الناس «٢» .

ومن هنا نخلص إلى تقرير أن المتواتر القرائي يفيد العلم بضوابط التواتر التي لا يشترط فيه تحديد حد للعدد، ولئن وجد التفاوت بين الخبر المتواتر وبين غيره من المحسوسات والبديهيات فللتفاوت في العلوم أو لكثرة الاستعمال فلا يخرجه ذلك عن اليقين، وتفاوت اليقين لا يعني طروء الشك فيه كتفاوت الخيرية في الأنصار كما قال صلّى الله عليه وسلم: «أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الأخيار» «٣» .

تعليمه صلّى الله عليه وسلم أن القران كتاب لا ريب فيه (قطعية وصول القران إلينا) :

صار من البدهيات العالمية أن يقال: إن القران الكريم وصل إلينا وصولا مقطوعا به، فهو كتاب لا رَيْبَ فِيهِ (البقرة: ٢) ، وقد جعل أهل العلم هذه البدهية من المسلمات عند نقاش أي مسألة تحتاج إليها، أو ترتكز عليها، فيقال عند ذلك «لأن القران ثبت بطريق مقطوع به وهو التواتر» «٤» .


(١) انظر: المحلى، الإبهاج ٢/ ٢٨٧، الإحكام للامدي ٢/ ٣١، البرهان ١/ ٣٦٨، روضة الناظر ٢/ ٩٣، التبصرة في أصول الفقه ص ٢٩٢، المحصول في علم الأصول ٤/ ٢٣٢.
(٢) انظر: الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف ص ٥٠ للدهلوي.
(٣) الموافقات (٢/ ٣٥) ، مرجع سابق، والحديث رواه البخاري (٣/ ١٣٨٠) ، مسلم (٤/ ١٧٨٥) ، مرجعان سابقان.
(٤) المبدع (١/ ٤٤٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>