للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل أفعاله صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يعلم أنها من خصوصياته» «١» ، وبذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون بها في جميع أحوالهم، فقد قال بعض أصحاب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما له: رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة ولا بعدها؟ فقال: يا ابن أخي صحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذا وكذا فلم أره يصلي قبل الصلاة ولا بعدها، ويقول الله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «٢» ، وعن ابن عمر أنه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت أيقع على امرأته قبل أن يطوف بين الصفا والمروة؟

فقال: «قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فطاف بالبيت، وصلّى خلف المقام ركعتين، وسعى بين الصفا والمروة» ثم قرأ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ «٣» ... وإنما كان هذا الاستطراد في وجه الدلالة لئلا يقول قائل بأن السياق هنا يخصص المنساق ... كما ترد هنا جميع أدلة الاقتداء نحو فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ (الأنعام: ٩٠) .

حكمة تعليمه صلّى الله عليه وسلّم لهم ما سبق:

وإنما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلمهم بما ذكر في القران، وبما يخبرهم به من حديثه الشريف عن كيفية تلقيه للفظ القران الكريم لأجل أن يقتدوا به في تلاوة القران الكريم وجمع ألفاظه تعلما وتعليما فيما كان في حدود طاقتهم البشرية ... وزاد عن ذلك بما كان يصنعه في حلقات الإقراء التي كان يؤدي فيها درسا يوميا لإقرائهم القران، بالإضافة إلى عرضه اليومي لشيء من القران في ست ركعات جهرية يومية من صلاته حيث كان إمامهم، فلا بد لهم من الاقتداء به في أركان الصلاة وهيئاتها التفصيلية، وكذلك في تلاوة لفظ القران الكريم أصلا وأداء، ومما يوضح


(١) روح المعاني (٢١/ ١٦٧) ، مرجع سابق.
(٢) (أبو عوانة) يعقوب بن إسحاق الأسفرائيني ت ٣١٦ هـ: مسند أبي عوانة (٢/ ٣٣٧) .
(٣) البخاري (١/ ١٥٤) ، مرجع سابق.

<<  <   >  >>