للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والإرادة الكونية القدرية هي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات، التي يقال فيها: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذه الإرادة مثل قوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً) [الأنعام: ١٢٥] . وقوله: (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم. إن كان الله يريد أن يغويكم) [هود: ٣٤] . وقوله: (ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) [البقرة: ٢٥٣] . وقوله: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) [الكهف: ٣٩] .

وهذه الإرادة إرادة شاملة لا يخرج عنها أحد من الكائنات، فكل الحوادث الكونية داخلة في مراد الله ومشيئته هذه، وهذه يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر، وأهل الجنة وأهل النار، وأولياء الله وأعداؤه، وأهل طاعته الذين يحبهم ويحبونه، ويصلي عليهم هو وملائكته، وأهل معصيته الذين يبغضهم ويمقتهم ويلعنهم اللاعنون (١) .

وهذه الإرادة تتناول ما حدث من الطاعات والمعاصي دون ما لم يحدث منها (٢) .

والمخلوقات مع كل من الإرادتين أربعة أقسام:

الأول: ما تعلقت به الإرادتان، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فإن الله أراده إرادة دين وشرع، فأمره وأحبه ورضيه، وأراده إرادة كون فوقع، ولولا ذلك ما كان.

والثاني: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من


(١) راجع: شرح الطحاوية: ص ١١٦ ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٨ /١٩٨، ٥٨.
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٨/١٩٨.

<<  <   >  >>