للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أحبّ النّاس إليك من الرّجال؟ فقال: «أبوها» . يعني عائشة رضي اللَّه عنها- وتقديمه في الصّلاة على ما قدّمنا مع أن الاتّفاق على أن السّنّة أن يقدم على القوم أفضلهم علما، وقراءة، وخلقا، وورعا، فثبت أنه كان أفضل الصّحابة، وصحّ من حديث ابن عمر في صحيح البخاريّ قال: كنا في زمن النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النّبي صلّى اللَّه عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لا نفاضل بينهم،

وصحّ فيه من حديث محمّد بن الحنفيّة: قلت لأبي: أيّ النّاس خير بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم؟ فقال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلا واحد من المسلمين،

فهذا عليّ نفسه مصرّح بأن أبا بكر أفضل النّاس، وأفاد بعد ما ذكرنا تفضيل أبي بكر وحده على الكلّ، وفي بعض ترتيب الثّلاثة، ولما أجمعوا على تقديم عليّ بعدهم دل على أنه كان أفضل من بحضرته وكان منهم الزّبير وطلحة فثبت أنه كان أفضل الخلق بعد الثلاثة.

هذا واعتقاد أهل السّنّة تزكية جميع الصّحابة والثناء عليهم، كما أثنى اللَّه سبحانه وتعالى عليهم إذ قال:

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [ (١) ] . [ (٢) ] .

وقال العلّامة البغداديّ في «أصول الدّين» : [ (٣) ] أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثم السّتّة الباقون بعدهم إلى تمام العشرة وهم: طلحة والزّبير وسعد بن أبي وقّاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرّحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجرّاح، ثم البدريّون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرّضوان بالحديبية، واختلف أصحابنا في تفضيل عليّ وعثمان، فقدم الأشعريّ عثمان، وبناه على أصله في منع إمامة المفضول.

وقال محمّد بن إسحاق بن خزيمة والحسين بن الفضل البجليّ بتفضيل علي رضي اللَّه عنه- وقال القلانسيّ: لا أدري أيهما أفضل، وأجاز إمامة المفضول.

وقال العلّامة اللقانيّ في جوهرته:

وأوّل التّشاجر الرجز الّذي ورد ... إن خضت فيه واجتنب داء الحسد


[ (١) ] آل عمران: ١١٠.
[ (٢) ] المسايرة ١٦٦- ١٦٨.
[ (٣) ] أصول الدين للبغدادي ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>