للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة- أنه كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة ولم يصلّ صلاة قط، فإذا لم يعرفه الناس يسألونه «١» من هو؟ فيقول: هو أصيرم بني عبد الأشهل: عمرو بن ثابت بن أقيش، قال الحصين: فقلت لمحمود- يعني ابن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بدا له الإسلام فأسلم، ثم أخذ سيفه حتى أتى القوم، فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينما رجال من عبد الأشهل «٢» يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: إنّ هذا الأصيرم، فما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر، فسألوه ما جاء به؟ فقالوا له: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدبا على قومك أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، فآمنت باللَّه ورسوله، فأسلمت، وأخذت سيفي، وقاتلت مع رسول اللَّه حتى أصابني ما أصابني، ثم لم يلبث أن مات في أيديهم. فذكره لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: «إنّه لمن أهل الجنّة» .

هذا إسناد حسن رواه جماعة من طريق ابن إسحاق.

وقد وقع من وجه آخر عن أبي هريرة سبب مناضلته عن الإسلام، فروى أبو داود من وجه آخر والحاكم وغيرهما، من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة- أن عمرو بن أقيش كان له ربا في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء في يوم أحد فقال: أي بنو عمي؟ قالوا: بأحد. قال: بأحد؟ «٣» فلبس لأمته، وركب فرسه، ثم توجّه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنّا يا عمرو، قال: إني قد آمنت، فقاتل قتالا حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحا، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخيه سلمة، حمية لقومه أو غضبا للَّه ورسوله؟ قال: بل غضبا للَّه ورسوله. فمات فدخل الجنة، وما صلّى للَّه صلاة.

هذا إسناد حسن، ويجمع بينه وبين الّذي قبله بأنّ الذين قالوا أوّلا إليك عنّا قوم من المسلمين من غير قومه بني عبد الأشهل، وبأنهم لما وجدوه في المعركة حملوه إلى بعض أهله. وقد تعيّن في الرواية الثانية من سأله عن سبب قتاله.

ووقع لابن مندة في ترجمته وهمان: أحدهما أنه قال عمرو بن ثابت بن وقش «٤» بن أصيرم بن عبد الأشهل فصحّف فيه، وإنما هو أصيرم بن عبد الأشهل. والوهم الثاني أنه فرّق


(١) في أ: فاسألوه.
(٢) في أ: رجال بني عبد الأشهل.
(٣) في أ: قال ابن فلان، قالوا بأحد؟.
(٤) في أ: وقيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>