للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فروة الّذي تقدم غير هذا، ذاك جذامي، وهذا سلولي، فأنى يجتمعان؟ وقد عجبت من تقرير ابن الأثير كلام أبي موسى مع تحققه بمعرفة الأنساب من أن فروة الّذي أشار إليه لم يلق النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، وإنما أسلم في حياته، فقتلته الروم من أجل ذلك.

وقد تقدّم ذلك في فروة بن عامر الجذامي في القسم الثالث، فإن أحد ما قيل في اسم أبيه نفاثة كما تقدم في ترجمته واضحا.

قال أبو حاتم السّجستانيّ في المعمّرين، قالوا: إنه عاش مائة وأربعين سنة، وأدرك الإسلام فأسلم وقال ابن سعد والمرزباني: وفد على النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم.

وأخرج ابن شاهين وابن السّكن بسند واحد إلى عمر بن ثوابة بن تميمة بن قردة بن نفاثة، حدثني أبي عن أبيه عن جده قردة بن نفاثة أنه وفد على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وبايعه، فقال: اسمع مني يا رسول اللَّه، فأنشده:

بان الشّباب فلم أحفل به بالا ... وأقبل الشّيب والإسلام إقبالا

وقد أروّي نديمي من مشعشعة ... وقد أقلّب أوراكا وأكفالا

فالحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي ... حتّى اكتسيت من الإسلام سربالا «١»

[البسيط] وساق تمام القصيدة،

فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: «الحمد للَّه الّذي عرّفك فضل الإسلام، وجعلك من أهله» .

قال المرزبانيّ: ويروى أن البيت الّذي أوله

فالحمد للَّه

من شعر لبيد بن ربيعة، وأنه لم يقل في الإسلام غيره.

قلت: يحتمل أن يكون الخاطران تواردا، ويؤيده أن المنسوب للبيد

حتى تسربلت بالإسلام.

وقال ابن عبد البرّ: عاش قردة مائة وخمسين سنة، وهو القائل:

أصبحت شيخا أرى الشّخصين أربعة ... والشّخص شخصين لمّا مسّني الكبر

وكنت أمشي على السّاقين معتدلا ... فصرت أمشي على ما ينبت الشّجر «٢»

[البسيط]


(١) ينظر الأبيات في أسد الغابة ترجمة رقم (٤٢٨٨) ، الاستيعاب ترجمة (٢١٩١) .
(٢) ينظر البيتان في أسد الغابة ترجمة رقم (٤٢٨٨) ، الاستيعاب ترجمة (٢١٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>