للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمدينة، قال: فلما رأى عمر أنه قد زال ما كان يخشاه من افتتان الناس به عزم على أن يوليه بعد أن يرجع من الحجّ، فخرج معه خالد بن الوليد، فاستسقى خارجا من المدينة، فقال: احدروني إلى مهاجري، فقدمت به أمه المدينة ومرضته حتى ثقل، فلقي عمر لاق وهو راجع من الحجّ، فقال له: ما الخبر؟ فقال: خالد لما به، فطوى عمر ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى، فرّق عليه واسترجع، فلما جهز بكته البواكي. قيل له: ألا تنهاهن! فقال: وما على نساء قريش أن تبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة «١» . فلما أخرج بجنازته إذا امرأة محرمة تبكيه وتقول: أنت خير من ألف ألف ... البيت المتقدم، وبعده:

أشجاع فأنت أشجع من ليث ... صهر ابن جهم أبي أشبال

أجواد فأنت أجود من سيل ... أتى يستقلّ بين الجبال

[الخفيف] فقال عمر: من هذه؟ فقيل: أمه. فقال: أمه، والإله- ثلاثا، وهل قامت النساء عن مثل خالد!.

وهذا وإن كان من رواية أبي حذيفة وهو ضعيف، وكذلك سيف، لكن قد ذكر ابن سعد وهو ثقة عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، قال: لما توفي خالد بن الوليد بكت عليه أمّه، فقال عمر: يا أم خالد، أخالدا أو أجره ترزئين! عزمت عليك إلا تثبت، حتى تسود يداك من الخضاب.

وهذا مسند صحيح، وعلق البخاري قول عمر في النّقع واللقلقة في البكاء على خالد، لكن لم يسمّ أمّه.

ومجموع ذلك يفيد أنها عاشت بعد النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، أفيظن بها أنها استمرت على الكفر من بعد الفتح إلى أن مات النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم؟ هذا بعيد عادة، بل يبطله ما تقدم أنه لم يبق بالحرمين ولا الطائف أحد في حجة الوداع إلا أسلم وشهدها.

١١٧٠١- لبابة بنت أبي لبابة الأنصارية «٢» .


(١) النّقع: رفع الصّوت، ونقع الصّوت واستنقع إذا ارتفع، وقيل: أراد بالنقع شق الجيوب، وقيل: أراد به وضع التراب على الرءوس من النقع: الغبار وهو أولى لأنه قرن به اللّقلقة وهي الصوت، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنّى واحد. النهاية ٥/ ١٠٩.
(٢) أسد الغابة ت (٧٢٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>